الخميس، 3 نوفمبر 2011

المقالة الثانية النفس الواحدة/ الوحدة الكونية من كتابنا مقالات فكريه

المقالة الثانية النفس الواحدة/ الوحدة الكونية  من كتابنا مقالات فكريه
ان الحديث حول النفس الواحدة حديث طويل يستبطن ابعاداً واسعة ذلك للترابط و التداخل الموجود فيما بين هذه الابعاد . النفس الواحدة هي فعل الله تعالى كله , والفعل الالهي المقدس على ثلاثة انحاء من الوحدة : أ. الوحدة الوجودية الروحية للفعل الالهي , وهذه الوحدة هي فعل الله تعالى كله من جهة التنزيل (الأسماء الروحية الكلية) , وهذه هي الوحدة الوجودية الروحية في عالم الامكان . ويقابل تلك الوحدة الوجودية للفعل الالهي اغلاق عالم الامكان والذي نتج منه النفس الامارة بالسوء , فهي الضد الوجودي للروح والخلق الثانوي المترتب عن ضيق الخلق الاولي (الروح) . وماهيات الروح هي الكليات العقلية فالروح ظهرت بالكليات العقلية . ب. الوحدة التكوينية العقلية للفعل الالهي , وهذه الوحدة هي فعل الله تعالى كله من جهة التفصيل (الاسماء العقلية الكلية), وهذه الوحدة التكوينية العقلية متفرعة عن الوحدة الوجودية الروحية (العقل الايحائي وهو الجامع لكل الكليات العقلية). ويقابل هذه الوحدة التكوينية العقلية ما يوازيها من الوحدة التكوينية العقلية في النفس الامارة بالسوء , وهوالعقل الاهوائي الجامع لكل الكليات العقلية النفسية , ثم ان ماهية الوحدة التكوينية الكليات العقلية هي الجزئيات النورانية , وهي ادنى مراتب عالم الملكوت . فما من شيء مادي الا وخلفه ذلك الجزئي المنير الذي يؤثر ويتأثر بالجهة المادية الصرفة للشيء . ويقابل هذا الجزئي النوراني الجزئي الاظلم بحسب تفاعل العبد وسيره نحو الروح أو النفس الامارة بالسوء . ج. الوحدة المادية (عالم الطبيعة) وهي فعل الله تعالى كله الا انها كثرة ماهوية في عالم الامكان , وبمجموع كل جزئيات عالم المادة والطبيعة تشكل الوحدة المادية. اذن فهناك ثلاثة انحاء من الوحدة : الوحدة الروحية( ) والوحدة العقلية( ) , والوحدة المادية( ) , وبمجموعها تمثل فعل الله تعالى , ويقابل هذه الوحدات الثلاثة وفقاً للتقابل الاجرائي الوحدات الثلاثة النفسية كما مر عليك . بقي ان نقول ان الجزئي المادي يقابله في دائرة النفس الامارة بالسوء الطاقات المتولدة من العناصر الاربعة المادية (الضياء والهواء والماء والغذاء) . والتجرد من هذه الطاقات النفسية الجزئية يرشح العبد للوصول الى الجزئي النوراني له , والتي هي حقيقته النورانية والمعبر عنها بالجسد البرزخي. اذن فماهية الواحد هي كل الاعداد , وما من عدد الا وهو نفحة من واحدية الفعل نعم (سالت اودية بقدرها) . ولكن ثمة سؤال يطرح نفسه في المقام وهو : اذا كانت هذه الانحاء الثلاثة هي واقع النفس المقدسة الواحدة (فعل الله تعالى كله) فما هو السر في تجلي الله تعالى بفعله , وبكلمة أخرى لماذا افاض الله تعالى بفعله فكانت هذه المراتب الثلاثة والتي تمثل الفعل الالهي ؟ وبكلمة ثالثة لماذا كانت النفس الواحدة ؟ والجواب / ان الله سبحانه وتعالى بين لنا علة التجلي بالنفس الواحدة حيث كان الله تعالى ولاشيء معه ولاعدم , اما من جهة (ولاشيء معه) فلأن شيئاه سبحانه مطلق واما من جهة (ولاعدم) فلأن وجوده مطلق , فاحب الله ان يعرف فخلق كما هو الحديث القدسي الشريف . فالعلة الأولى : في افاضة النفس الواحدة هي الحب , فان الله تعالى يحب ان يخلق لخلوه من الانا والهوى هذا من جهة ولوجود القابلية التي توجب الفاعلية الالهية من جهة اخرى . وهذا مقام أحب . والعلة الثانية : في افاضة النفس الواحدة هي المعرفة فانه سبحانه خلق الاشياء كي يعرف بها ؛ لان هويته المقدسة لاتعرف ولا تدرك ؛ لانها خارج مدار عالم الامكان وخارج مدار عالم الكون (الكليات الروحية والكليات العقلية والجزيئات النورانية والجزيئات والمادية) , وهذا مقام أن يعرف . أما مقام الماديات فهومقام (فخلق) . أذن فلا طريق لمعرفة الذات الالهية و الهوية المقدسة الا من خلال معرفة خصائص الذات الالهية وهي النفس الواحدة التي هي واقع كل شيء . ثم ان المقام (فاحب) دال على الباطن أي على ماهو في الذات , وهذا واقع الخصائص الذاتية (الاسماء الذاتية) وهي مئة اسم وصفة ذاتية بدءاً من اسمه (الله) وحتى اسمه (الصبور). أما مقام (أن يعرف) فهو دال على الظاهر أي على ما هو في الفعل , وهذا واقع النفس الواحدة , أي الاسماء الفعلية وهي (99) اسمًا وصفة فعلية بدءاً من اسمه (الرحمن) وحتى اسمه (الصبور) . والفرق الواقعي ما بين الاسماء الذاتية والاسماء الفعلية هي صفة (الالوهية) أي اسمه (الله) فان هذا الاسم قد استأثره لنفسه فالتعريف به ممتنع واقعاً؛لان التعريف به حضوراً يستلزم ان تتخصص النفس الواحدة بهذا الاسم فتصبح النفس الواحدة (الهاً) وهو باطل . ومنه نفهم قول المعصوم (عليه السلام) : (( قولوا فينا ما شئتم وانفوا عنا الالوهية) فالنفس الواحدة لاتملك صفة الالوهية ملكاً ذاتياً . ولو تدبرنا قوله سبحانه: قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى ( ) فالآية المباركة جليه المعالم في تبيانها النوراني مابين الخصائص الذاتية وخصائص النفس الواحدة أي خصائص فعله سبحانه . ونبين ذلك في أشارات : الإشارة الأولى : ( ادعوا الله او ادعوا الرحمن) فان كلمة (أو) تفيد ان ثمة تغاير في الجهة , فالله تعالى جهة الخصائص الذاتية , أما جهة الرحمن وهو واقع النفس الواحدة تمثل جهة الخصائص الفعلية . الإشارة الثانية : (أياً ما تدعوا) فبمناسبة (أياً ما تدعوا) تفيد الترتب الطولي ما بين الجهتين جهة الذات المقدسة وجهة النفس الواحدة (فعل الله تعالى) . الإشارة الثالثة : (فله الاسماء الحسنى) والآية الكريمة تفيد ان كلاً من الاسمين (الله) وهو الواقع الذاتي و (الرحمن) وهو واقع النفس الواحدة قد اندكت فيهما كل (الاسماء الحسنى) . فالله هو الاسم المئة وفيه كل الاسماء ألـ(99) الذاتية, وأما (الرحمن) أي النفس الواحدة فهو الاسم الذي فيه الاسماء الالهية خلا منها اسمه (الله) أي صفة الالوهية. ومن ذلك ندرك ان النفس الواحدة هي كل شيء ؛ لذا كان كل شيء في احسن تقويم , لأن مبدأه الاسماء الحسنى . أما السوء فهو ما عرض على الحقيقة الكونية (النفس الواحدة) من الأسماء السوءا والتي تمثل (النفس الواحدة الشيطانية) والتي تقابل النفس الواحدة المقدسة , وما ذاك الا لاغلاق ومحدودية النفس الواحدة المقدسة . تلكم النفس الواحدة المقدسة (الأسماء الحسنى) هي صبغة الله من لحاظ , وهي عالم النور من لحاظ ثان , وعالم الإنشاء من لحاظ ثالث , وعالم الفلق من لحاظ رابع , وكل لحاظ يشكل بعداً واسعاً وعميقا يأخذ مداه الطويل لو أردنا شرحه. أما النفس الواحدة الشيطانية (الأسماء السوءا) فهي صبغة الشيطان العارضة على الصبغة الالهية , وكمال العبد هو التخلص من هذه الصبغة العارضة للوصول الى الصبغة الإلهية . وعلينا أن ندرك أن مصيبة النفس الواحدة المقدسة هي النفس الواحدة الشيطانية ؛ لان مصيبة الشيء هي ما بضده. فمصيبة الصدق مثلاً هو الكذب ومصيبة الكرم هو البخل وهكذا دواليك ومن خلال ذلك ندرك مدى عظمة مصيبة النفس الواحدة المقدسة , فمصيبتها هي النفس الواحدة الشيطانية . وبما أن النفس الواحدة المقدسة هي كل شيء فمصيبتها هي كل شيء يقع ضدها . وإذا عرفت ذلك فاعرف أن النفس الواحدة هي حقيقة محمد وآل محمد (صلوات الله عليهم أجمعين) ومن خلال ذلك تدرك حجم مصيبتهم (عليهم السلام)!!!

ليست هناك تعليقات: