الأحد، 13 نوفمبر 2011

المقالة الاولى النفس الواحدة الاسماء الحسنى





 المقالة الاولى النفس الواحدة الاسماء الحسنى
إن محمداً وآل محمد(صلى الله عليه واله) هم الحقيقة السارية في كل شي ، فما من شيء الا وهو يستبطن حقيقتهم النورانية.

المقالة الأولى النفس الواحدة الأسماء الحسنى
إن محمداً وآل محمد(صلى الله عليه واله) هم الحقيقة السارية في كل شي ، فما من شيء الا وهو يستبطن حقيقتهم النورانية0 وقد عبرنا عن هذه الحقيقة باستنساخ الحكمة الإلهية ، ونعني بذلك أن الأشياء كلها انما هي أشعة نور الأسماء الحسنى ؛ جاء في دعاء كميل(وبأسمائك التي ملأت أركان كل شيء)( ) وفي الزيارة الجامعة الكبيرة-وهي أصح الزيارات متنا وسندا-تضمنت مقطعا يتناول فيه المعصوم(عليه السلام)بيان هذه الحقيقة بأن محمدا وآله الأطهار هم الحقيقة السارية في كل شيء , وان الأشياء بأسرها تمثل في واقعها شرحاً كونياً لحقيقتهم المباركة: ((بأبي انتم وأمي ونفسي وأهلي ومالي, ذكركم في الذاكرين,وأسماؤكم في الأسماء, وأجسادكم في الأجساد, وأرواحكم في الأرواح, وأنفسكم في النفوس وآثاركم في الآثار وقبوركم في القبور...) فهذا المقطع المبارك يشير الى حقيقة مقام النفس الواحدة , فمن وصل الى هذا المقام كان ذكره في الذاكرين واسمه في الاسماء..... وببيان آخر أقول: ان الروح هي حقيقة النفخة الالهية , فهي تمثل الوجه الواقعي للاسماء الحسنى كلها , تلكم الاسماء التي قد علمنا الله تعالى اياها تعليماً حضورياً . ومن جهة اخرى ان الروح هي عرش الله تعالى , وهي الوجود النوراني الذي يسبح في فلكه كل الاشياء , فمن وصل الى هذا التعليم الالهي (الروح – العرش) ملك التصرف بالاشياء وجودا وتكويناً بقدر جزئي أو كلي . فالذي عنده علم من الكتاب قد وصل الى بعض مراتب هذا التعليم الالهي فملك التصرف الجزئي بالأشياء , وذلك الكتاب هو واقع النفحة الإلهية (الروح- عالم الانشاء – عالم الفلق -عالم الذات الآدمية) . ومن وصل الى كل مراتب هذا التعلبم الالهي فانه يملك التصرف الكلي بالاشياء . وهذا مقام (محمد وال محمد) – صلوات الله عليهم اجمعين .  َيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ( ) فالذي يصل إلى مقام الروح التي هي حقيقة الذات الآدمية – كل ذات- يصبح ولي الأمر الربوبي ؛ لان الروح هي مستودغ الأمر (الأمر بالحسنى) , ومن هنا وبالتقابل الاجرائي أي الضد فأن (النفس الأمارة بالسوء) هي الخلق الثانوي العارض على (الروح _ الذات الآدمية) لاغلاق الوجود الروحي فينا . هذا الخلق الثانوي خارج التعليم الثانوي فالله تعالى لم يعلمنا تلك (الاسماء السوءا) وهي ما يقابل (الاسماء الحسنى) محل التعليم الالهي , وانما هي كما قلنا نتجت عن ضيق عالم الاسماء الحسنى فينا فمن وصل الى بعض مراتب التعليم الشيطاني ملك التصرف في بعض مراتب ذلك التعليم غيراً الربوبي , كبعض شياطين الجن والانس , ومن وصل الى كل مراتب هذا التعليم ملك التصرف العرضي بكل الاشياء , وهو مقام (ابليس) عليه اللعنة ومن هنا تفهم الطاقات الروحية التي يملكها الانبياء والاوصياء و الاولياء (عليهم السلام) فانها سير عملي في مراتب التعليم الالهي , وكذلك تفهم الطاقات النفسية لشياطين الجن والانس فانها سير عملي في مراتب التعليم الشيطاني العرضي . ان عالم الاسماء الحسنى هو صبغة الله تعالى وهو واقع (ذاتنا) وعالم الاسماء السوءا هي صبغة الشيطان وهي واقع (النفس العارضة على ذاتنا). أماالعقل فهو محور الاختيار في السير العملي اتجاه أي من التعليمين أو الصبغتين: صبغة الله او صبغة الشيطان . أذن فمن وصل الى المقام الروحي اصبح آمراً بآمر الله فهو ولي أمر الله تعالى لذا تصبح – روح ذلك الولي – في كل الارواح ؛لان روحه هي عيبة الاشياء كلها . ثم ان النفس وجود عرضي وخلق ثانوي نتج كما قلنا من محدودية الروح , تلك المحدودية تستلزم العد والضد والند فهي قوة وجودية انما جاءت كرد فعل لواقع الروح , حيث تساويها في المقدار (99و99) وتعاكسها الاتجاة (الروح أسماء حسنى وصبغة الهية ووجود أصيل , والنفس اسماء سوئى وصبغة شيطانية و وجود عرضي) . هذا التعاكس في الاتجاه يشمل البعد الوجودي والتكويني والتشريعي والسياسي, وبكلمة اخرى ان الروح هي عيبة الاسماء كلها فهي خصائص الله واخلاقه , و قد استأثر بأسم واحد وهو أسمه (الله) لان تعليمه غير ممكن , ووجه عدم الامكان ان اركاز هذا الاسم في جبلة وذات الانسان يقتضي ان تصبح الالوهية ضمن التعليم الا لهي فتصبح ذات الانسان (الهاً) ويصبح متصرفاً بالاشياء من منطلق كونه (الهاً) وهذا باطل فالالوهية خارج التعليم الالهي (ذات الانسان) . وعلينا ان ندرك ان هذا المنع من الافاضة بالالوهية انماهو ناتج من واقع الموازين الوجودية والتكوينية ... فكيف يعقل ان يكون الانسان الهاً ومألوهاً ؟ ! فمن جملة الحقائق الالوهية انها غير مسبوقة بذات , فكيف يكون الانسان مسبوقاً بالذات الالهية ومع ذلك يقال انه غير مسبوق بذات ؟! فالمنع لم يكن عن أنا او هوى , بل ان امتناعه ناتج عن عدم موافقة الأمر للسنن الكونية . فالمتعلم لابد ان يكون متخصصاً بخصائص التعليم فكيف يتخصص بخصائص الإلوهية التي يفترض انها لم يفض بها احد .بمعنى ان الشيء (اله) ان وجوده واسماءه لم يفض بها عليه أحد فيما ان الانسان قد افيض عليه بالاسماء الالهية فكيف يقال انه لم يفض بها عليه أحد ؟! . من هنا كان وجه الامتناع من افاضة الالوهية وجعلها واقعاً ذاتياً للانسان . ومن تلكم الامور التي ينبغي ان ندركها ان الروح والمعصوم بينها جهة اشتراك فهما من سنخ واحد . كما ان النفس الامارة بالسوء والشيطان بينهما جهة اشتراك فهما من سنخ واحد ايضا .هذا الاشتراك وسنخية الواقع انما جاءت من واقع الانسان نفسه ولكن كيف ؟ الانسان في حقيقته التي حق بها وجوده وتكوينه يشمل ثلاثة ابعاد رئيسة : أ. البعد الاول : هو البعد الروحي (حقيقة التعليم الالهي – الاسماء الحسنى كلها) ب. البعد الثاني : هو البعد النفسي (حقيقة الجهة المعاكسة لواقع الروح لاغلاق الاسماء في عالم الامكان) ج. البعد العقلي : وهو البعد المحوري في انطلاق سير الانسان نحو أي من البعدين : البعد الروحي أو البعد النفسي. لكن لماذا المعصوم بينه وبين الروح جهة اتحاد وسنخية توافق؟ والجواب / لان المعصوم وصل في سيره العلمي الى واقع بعده الروحي فأصبح هو الروح فلذا كانت الروح على وجهين: أ‌. الوجه الانفسي (ذات الإنسان) وهذا الوجه واقع كل ذات آدمية . ب.الوجه الافاقي (عالم الغيب والشهادة)؛ لان عالم الغيب والشهادة شرح حقيقة الذات الآدمية . فالمعصوم قد سار بسيره العقلي نحو حقيقة ذاته (البعد الروحي الذي فيه) . باعتبار انه مشتمل كما هو غيره على هذا البعد أعني أن ذاته عيبة الأسماء الإلهية فأصبح هو والروح حقيقة واحدة ومن هنا تصبح كل الأشياء شرحاً لهما وبطيعة الحال ان هذا السير له مراتب منها بعضية ومنه كلية, اما البعضية : فهي واقع سير الانبياء و الاولياء , اما الكلية : فهو سير محمد وآله الاطهار . فمن وصل الى واقع الروح أصبح هو النفس الواحدة , ويصبح بذلك أمة يزن به الله تعالى ما يساويه من الحقائق الكونية بحسب سيره الفعلي والعملي نحو ذاته(الروح)التي تساوي كل الحقائق الكونية . لهذا كانت نفس الامام (عليه السلام) أي روحه في كل (الانفس)والسؤال نفسه يقال في مقامنا هذا فيقال لماذانجدأن النفس الامارة بالسوء و الشيطان بينهما جهة اشتراك وسنخية توافق؟ والجواب هو الجواب والكلام هو الكلام. فقط اعكس المعادلة فسير المعصوم سير تكاملي وسير الشيطان سير تسافلي . فلهذا نجد ان نفس الشيطان في كل الانفس الامارة بالسوء. ان نفس المعصوم (عليه السلام) نفس قد طهرها الله تعالى من البعد (النفسي) ؛ لاننا وكما قلنا ان هذا البعد ليس اصيلا في واقع الانساني وفي حقيقة وجوده بل هو وجود طارىء وعرض زائل فمن الممكن للانسان ان يتلخص منه ومن هذا البعد ندرك ماورد عن الامام علي (عليه السلام) : (لي نفس ولكن جعل الله امرها بيدي) . هذا التطهير الذي حصل للمعصوم من الاسماء السوءا (النفس الامارة بالسوء) اوصله الى واقع وهو انه اصبح يساوي كل شيء , لان ذاته من جهة وجوده هي كل شيء . فاصبح أن لا فرق بين نفسه (روحه) ونفسنا (ارواحنا) من جهة الوجود و التكوين ؛ لانه تطهر بفعله (تشريعاً وسياسة) قولا وفعلا فاستخلصه تعالى . وكذلك ندرك ان علو نفس الامام (النفس الواحدة – الروح) اوصله الى ان تكون نفسه في كل النفوس الشخصية كي يطهر تلك النفوس الاخرى كما تطهر منها (عليه السلام). ولو تدبرت لوجدت أن دعاء المعصوم (عليه السلام) يحكي كل واقع ؛ لانه قد وصل إلى مقام الروح (كل شيء) أي مقام الواقع لذا تجد نفسك عندما تقرأ دعاء كميل مثلا وكأن الإمام يتحدث عنك لأنه قد استقرأ كل النفوس وأحاط بها . أما النفس الإمارة بالسوء فإنما هي النفس غير المرحومة أي ان نفس الشيطان متصلة اتصالاً دائما مع أي نفس شاءت فبمجرد أن يلتفت زيد مثلاً إلى موارده النفسية يجد اتصال الشيطان متحققا لديه , وما ذاك ألا لاتحاد السنخية بينهما فهما كما يقال وجهان لعملة واحدة . وبالمقابل فان روح المعصوم (عليه السلام) متصلة بكل الأرواح , فبمجرد أن يلتفت زيد مثلاً إلى موارده الروحية يجد اتصال المعصوم لديه , وما ذاك إلا لاتحاد السنخية وفقا للتقابل الإجرائي . أما فيما يخص الآثار فأقول في بيانه : أن العقل قوة وجودية تساوي القوتين : القوة الروحية , والقوة النفسية فهو الكرسي الذي اتخذه الله تعالى ليحكم به بين الرعية في دولته . ذلك العقل هو الحامل لعرش الله – الروح – فان اقبل كان الثواب (التحقق بحقيقة الأسماء سلوكاً تطبيقياً) , وان أدبر كان العقاب (التحقق بحقيقة الأسماء السواء سلوكاً تطبيقياً)؛لأن العذاب والثواب الأخريين ما هما إلا واقع الروح أو النفس الإمارة بالسوء للارتباط الكوني بين العمل ونتائجه فالعقل إن أدبر عن الروح أصبح حاملاً لعرش الشيطان - النفس الإمارة بالسوء- فالأرواح قداسات والنفوس نجاسات والعقول ماسست أن ماسست الأرواح تقدست وان ماساست النفوس تنجست وان أقبل العقل على الروح أصبح الكرسي الحامل لعرشها للتقابل الإجرائي . فكل الآثار الواقعية في مختلف مراتبها إنما هي فيض العقل فإن كان على اتصال بالروح أصبحت آثاره تحكي واقع الروح وبالتالي فإنها تحكي واقع الأشياء كلها ؛ لأن الروح حقيقة الأشياء كلها في وجودها الأصيل , وان كان على اتصال بالنفس الأمارة بالسوء أصبحت آثاره تحكي واقع النفس الإمارة بالسوء ؛لأن كل الفساد هو شرح عرضي لواقع عرصية النفس الإمارة بالسوء, وندرك أيضا أن معنى آثار المعصوم في الآثار هوبيان هذا الأمر , فما من أثر كوني أصيل ألا وهو يحتوي واقع المعصوم(الروح-الأسماء الحسنى-النور الإلهي). فصاحب الروح النوعية تجد أن روحه في كل الأرواح الشخصية , مما يؤهله لان يفيض على كل الأرواح الشخصية مراتب الكمالات( ) والإبداعات ؛ لأنها تنـزلات واقع الروح لكن كل بحسبه وقدره الروحي الذي قد تفاعل معه . وعلى العكس من ذلك تماماً نجد أن صاحب النفس النوعية وهو الشيطان , نجد أن نفسه في كل النفوس الشخصية مما يؤهله من إفاضة مراتب التسافل والنقائص . ؛ لأنها تنـزلات واقع النفس الإمارة بالسوء لكن كل بحسب تفاعله وقدره النفسي الذي قد تفاعل به . وكذلك نجد ان صاحب العقل النوعي عقله في كل العقول الشخصية مما يؤهله إلى الإفاضة بالكمالات الروحية أن اتصل بواقع الروح أو النقائص النفسية أن اتصل بواقع النفس كذلك . فالعقل هو الأمة الوسط ما بين -عالم الروح وهو واقع الخير كله في وجهيه : الباطني والظاهري – وبين عالم النفس الإمارة بالسوء وهو واقع الشر كله في وجهيه : الظاهري والباطني أيضاً . كل الأنبياء والأوصياء والأولياء (عليهم السلام) أصحاب أرواح وعقول كلية , نعم يختلفون في سعة الدائرة الروحية والعقلية من جهة , وفي امتداد الدائرة الروحية والعقلية من جهة أخرى . فمحمد وال محمد – صلوات الله عليهم أجمعين- أصحاب دائرة روحية وعقلية وسعت كل المراتب الكمالية في دائرة الفعل الإلهي وكذلك جهة الامتداد فهم أصحاب دائرة روحية وعقلية قائمة ودائمة على امتداد الوجود والتكوين مقاماً ورتبة وزماناً ومكاناً . وللحديث عن (النفس الواحدة) تتمة يأتي عليها الكلام أن شاء الله تعالى في مباحث أخرى .
برؤية الشيخ رحيم عبد الرزاق الاسدي
جمعها واعدها السيد عودة الموسوي

ليست هناك تعليقات: