الأربعاء، 2 نوفمبر 2011

الحقيقة الاولى بيان واقع التسخير الالهي من كتابنا حقائق كونيه





ان الله قد سخر للانسان كل شيء فقد سخر له الارض والسماء والماء والانعام – بل على التحقيق قد سخرالله تعالى – للانسان الكامل – جميع العوالم الالهية وهذا الامر واضح من خلال الرجوع إلى النصوص القرآنية الكريمة وكذلك النصوص الدينية الشريفة وانا اعتبر واقع هذا التسخير وكما يقولون من الاصول الموضوعية المسلم بها من خلال الرؤية الشاملة لدلالة النصوص المقطوع بها والمبرهن على قوانينها في محله .
ولكن يبقى هنا سؤال يفرض نفسه وهو : ماهو سر وعلة هذا التسخير؟
قد ياتي الجواب بانه هبة من المولى جل شانه لكن هذه الاجابة قاصرة عن اعطاء الرؤية الصحيحة لفهم واقع التسخير الالهي بل الجواب بالسلب لان هذا التسخير وان كان هو هبة من الله تعالى الا ان الهبة ياتي السؤال ايضا عنها ولماذا هذه الهبة فلابد من ادراك سر هذه الهبة الالهية والتي هي في واقعها تعبيرثان عن التسخير ولذا نقول ان الجواب يكون بالسلب . ان واقع هذا التسخير الالهي في عمومه وخصوصه انما هو واقع حتمي وضروري تنبثق ضرورته من خلال ادراك واقع ضرورة الخلافة الالهية فالتسخير لم يكن هبة فحسب بل له اسبابه الحكمية في واقع التقدير والتدبير الالهيين وهو من جملة ابحاث التقدير والتدبير التكويني والتشريعي الذي كتبنا عنه. هذا التسخير الالهي هو لازم وجود الانسان الكامل في كل العوالم الروحية والعقلية والمادية والبرزخية والاخروية حسابا وخلودا فلا يمكن ان نتصور تحقق الانسان الكامل ( الخلافة الالهية) بلا وجود هذا التسخير حيث ارتباطه الوثيق بشؤون الانسان الكامل كما لو اننا تصورنا الخلافة الالهية بمعزل عن العصمة تماما بل الامر اكثر فلو افترضنا العدد ثلاثة ولم نقل بحتمية وضرورة الفردية له فانه خلاف فرض كونه العدد ثلاثة لان الفردية لازمة وواجبة له حقا.
وعندما نتتبع بعض النماذج, وهم واقع الانسان الكامل نجد ان القرآن الكريم والاحاديث الشريفة تصرح بذلك و لناخذ مثلا خليل الله تعالى ( ابراهيم) فنلاحظ ان القرآن الكريم يتحدث عنه قائلا : وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنْ الْمُوقِنِينَ (1)
هذه الرؤية ضرورية وحتمية لواقع كونه الخليفة الالهي و الذي تشكل رؤيته لواقع الملكوت جزءا من وظيفته وهي الخلافة الالهية والا كيف يكون خليفته وهوغافل عن ملكوت الله تعالى؟!
من هنا نرى ان واقع التسخير انما يكون لكونه:
____________
1.الانعام:آية75
أ‌- صاحب الولاية التكوينية والتي تعني ان الاشياء تحت امرته بما اراد الله تعالى وفق النظام الاكمل لعالم التكوين.
ب‌- صاحب الولاية التشريعية والتي تعني علمه بواقع كل ملك وملكوت ولو كان هناك شيئا في عالم التحقق خارج حاكميته التكوينية والتشريعية لكان هذا الانسان غير كامل ولكان هذا الخليفة جاهلا بالحكم الالهي, والذي يتعارض مع الفرض القائل بتحقق ووجود الانسان الكامل (الخليفة الالهي).
ثم اننا نلاحظ في الاية الكريمة قوله تعالى ملكوت ولم يقل (ملك)؛ لانه قد وصل إلى الحكم الالهي (تقدير الله وتدبيره) والتي ملكها له تعالى من خلال تقويمه الاحسن (وجوده وتكوينه الاحسن) وتمكينه الاحسن (واقع احاطته المعرفية بكل شيء ولازمها العبودية الحقة له تعالى والتي تعني ببيان اخر كونه مقام (اسماؤه الحسنى) تكوينا وتمكينا
ولناخذ مثالا ثانيا – وهو الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) فاطلاعه على كل العوالم الالهية لازم خلافته الحقة وكونه الانسان الكامل الذي لا اكمل منه ازلا وابدا في تعداد خلفاءه بالحق فاننا نجده قد استقرا خلق الاشياء بالاطلاع على فعل كل شيء فكان لديه استقراءان استقراء لذوات كل الاشياء واستقراء لافعال كل الاشياء وهذا واضح ونحن نقرا قوله تعالى اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) والا كيف يكون هذا الخليفة الالهي شاهدا على كل ذات وفعلهااقول كيف يمكن ان يكون شاهدا على كل شيء ولم يطلع على البعض منها؟ !!!
فلازم خلافته الحقة والتي تعني ارتباط كل العوالم بها اطلاعه الروحي على كل العوالم الالهية.
فاذا استقرانا ذاتنا فاننا سوف نستقرأ من خلالها كل شيء لان هذه الذات هي فهرست عالم الايجاد والتحققات تكوينا وتشريعا حيث طوى الله تعالى في الانسان كل شيء فكل العوالم مطوية في واقع تكويننا هذا الاطواء الالهي هو عبارة عن تلك النفخة الالهية والمعبر عنها بـ ((الروح)) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (2) ، هذه الروح هي النفخة الحاملة لاسماء الله الحسنى فهي حاملة لملكات الخير من الرحمن الى الصبور.
______________
1.العلق :آية1
2.الحجر:آية29
لذا نجد ان القرآن الكريم قد عبر عن استقراء الذوات وهي الخلق بـ (اسم ربك) وهو الاسم الذي طوى فيه كل شيء ولتنزه المولى جل شانه عن الانا والهوى اودع خليفته اسماءه الحسنى ماخلا الالوهية فكانت ملكات روحية نورية تمكن الانسان الكامل الارتقاء في الصفات العظمى وهي تجسيد الملكه الى ملك (افعال) فاودع خليفته اسماؤه الحسنى (ملكات روحية) آمرة بالخير وهذا ماعبر عنه السؤال عن الروح فجاءت الاجابة( قل هي من امر ربي) ان هذا الابداع والعطاء الالهي لخليفته بالحق تعليم الهي حضوري ليكون بذلك الحاكم على كل شيء باذنه تعالى قال سبحانه وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا (1) هذه الاسماء هي اسماؤه الحسنى من اسمه الرحمن الى اسمه الصبور ومنها اشتق كل شيء مع الالتفات الى ان واقع هذا التعليم هو حضور كل العوالم لديه (ونفخ فيه من روحه) هذا الخليفة وقبل النفخ لم تكن له الاهلية لكي يكون مسجودا للملائكة فلذا قال عز من قائل:
________________
1.البقرة :آية31
فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (1) فالسجود والذي هو في واقعه الانقياد الكلي للنفخة الالهية. هذا السجود انما كان لواقع هذه الروح (النفخة الالهية) والتي هي حاملة لاسماءه الحسنى وبتعبير اخر كان الانسان حاملا للعرش الربوبي هذا العرش الربوبي هوواقع
(النفخة الروحية) والتي يلزمها (الكرسي) الذي يكون حاملا لهذا العرش فاعطاه الله تعالى الحكم وهو العقل فكانت الروح هي العرش والعقل هو الكرسي وهما ضرورتان لابد منهما وفق نظام التقدير والتدبير الالهيين لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (2) وليس بالامكان ان يكون احسن مما كان ، هذا العقل الذي هو كرسي الله تعالى والذي وسع كل شيء ومعنى كل شيء هي النفخة الالهية (الروح) التي اوجدها جل شانه فيناوالتي هي واقع كل الاشياء.
فجعل ذواتنا هي حقيقة العرش والكرسي والتي منها خلق كل شيء ولكنه سبحانه حجب عنا اسمه (الله) الاله والذي
_____________________
1.الحجر:آية29
2.التين آية4
تبقى حقيقته ازلية وابدية فلايمكن ان تودع الالوهية في كائن قد خلقه الله تعالى ففرض الالوهية يعني ان يكون ازليا غير مخلوق فكيف يخلقه ثم يقول هذا اله فلذا استأثر الله تعالى بهذا الاسم وهذا الاستئثار لم يكن لـ (انا) او (هوى) جل شانه عن ذلك بل هو من لوازم حكمته المطلقة والا كيف يعقل ان يكون الشيء مخلوقا ثم يقال انه اله ؟ !!! وعليه فذواتنا هي:
1- العرش + الكرسي = الاحسن تقويم ولو لا ذلك لما طالبنا جل شانه بالاحسن تمكين.
2- الروح + العقل = الانسان
3-عالم الغيب + عالم الشهادة = الاحسن تكوين
4-عالم الغيب + عالم الشهادة = العرش + الكرسي
5-عالم الغيب + عالم الشهادة = الانسان الكامل
6-عالم الغيب + عالم الشهادة = القرآن الكريم
7-القرآن الكريم = العرش + الكرسي
8-القرآن الكريم = الروح + العقل
9- الانسان (الخليفة) = القرآن الكريم
10- الانسان (الخليفة) = عالم الغيب + عالم الشهادة
اذن كل شيء (عالم الغيب والشهادة) هي خصال الانسان (الخليفة) وهذا الخليفة حامل الاسماء الحسنى .
فاذا اشرق ذلك في القلوب فلنعلم ان الخليفة الحق ماكان ليكون خليفة اذا لم يطلع على ذاته, والتي تعني هي عرش الله وكرسيه الافاقي.
عرش الله تعالى وكرسيه الافاقي هو عالم الغيب والشهادة
وعرش الله تعالى وكرسيه الانفسي هوواقع النفس الواحدة
(عالم الفلق-عالم الانشاء)
فالخليفة هو كل شيء خارجا وكل شيء خارجا هو الخليفة وبعبارة اخرى هو التجلي الالهي الفعلي ( اسماؤه الحسنى).
وكل شيء مرتبط باجل هذا الانسان يابن ادم خلقتك لاجلي وخلقت كل شيء لاجلك وهو معنى القول المعروف (اتزعم انك جرم صغير وفيك انطوى العالم الاكبر).
اذن نصل الى هذه النتيجة ان لازم التقدير والتدبير الالهيين هوتساوي الاضلع الثلاثة أي اطلاع الخليفة على كل شيء بالعلم
الحضوري والذي يعني ان يكون كل شيء مسخرا له من خلال ولايته الالهية.


ليست هناك تعليقات: