الحياة الدنيا مدرسة العرفان
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمدا بحقيقة معرفته, وله الشكر على عظيم كرامته وصلواته دائما على خير بريته محمد واله الأنوار...
الحياة الدنيا كتاب الأضداد
هذا الكون الذي نحن فيه تحكمه قوانين الحكومة الربوبية(ولايمكن الفرار من حكومتك) كما شعت به أنوار الحضرة العلوية البهية في الدعاء الكميلي المبارك,ومن تلكم القوانين الربوبية (قانون التقابل الإجرائي) ومعنى التقابل الإجرائي هوا لتضاد فإذا كان هناك نور فاعلم ان هناك ظلام يقابله وإذا كان هناك إيمان فاعلم ان هناك كفر يقابله وكما هو القول العلوي المبين(وبمضاد ته بين الأشياء عرف أن لاضد له...) وهذا القانون من أهم القوانين في الحكومة الربوبية في هذا الكون ورؤيته بعين البصيرة الروحية يوجب لصاحبه مشاهدة الأنوار المعرفية ,وسبب التقابل الإجرائي هو محدودية الكون فالذات الإلهية لايجري عليها ذلك لممدوديتها وإطلاقها أما الكون فهو محدود ومغلق لذا كان هذا القانون الربوبي.
استدراكية العرفان من هذا القانون الربوبي
البعض من الإخوة يسأل عن العرفان وأحوال العرفاء,وعلينا أن ندرك إن العرفان في تبيان استدراكاته النورانية أي توضيح المراد منه له نوافذ بعدد نجوم السماء ومن تلكم النجوم الزاهرة هذه الإضاءة الروحية:
كلنا يشاهد أحداث اليوم من عمل واكل وشرب وتجارة وصناعة وسفر ودراسة و...و ما أكثر الأحداث اليومية!!
كل حدث له جهتان تحركانه في الخير او الشر
فمامن حدث في حياتنا اليومية على اختلاف صوره الا وله جهتان تحركانه في الخير:
1.الجهة الأولى هي(الروح) ومرادي من الروح أن في الإنسان طاقة عظيمة لاتنفد أبدا أودعها الله تعالى في الإنسان أي إنسان وهي واقع الأسماء الحسنى ونحن نسميها في رؤيتنا الروحية(الذات الآدمية).
2.الجهة الثانية هي (العقل) ومرادي من العقل هو مقدار استثمار تلكم الطاقة العظيمة.
أذن في الإنسان الطاقة الروحية والتي هي كل الحسن والخير ومقدار الاستثمار من تلكم الطاقة ,وبمجموعهما معا يكون (الحدث اليومي) إذن الحدث اليومي هو صورة من صور الطاقة الروحية والاستثمار العقلي سواء كان تجارة أم سفرا أم دراسة أم أي أمر آخر من شؤون الحياة الدنيا ,والطاقة الروحية فيها كل صور الخير التي لاتنفد وبمقدار استثمارنا لها تظهر كحدث يومي.هذا كله في الخير والحس والحق, وطبقا للقانون الكوني فان هناك جهتان تقفان وراء الأحداث اليومية في كل صورة من صور الشر والقبح والباطل
الجهتان اللتان تحركان الأحداث اليومية في الشر
وهناك في مقابل الجهتين اللتين تحركان الأحداث اليومية في الخير جهتان تحركان الأحداث اليومية في الشر من باب التقابل الإجرائي الكوني وهما:
1.الجهة الأولى هي(النفس الأمارة بالسوء) وهي ضد الروح تماما وهي طاقة في الإنسان مستوعبة لكل شر في هذا الكون وهي طاقة لاتنفد إلا بالموت فإذا مات الإنسان ماتت كونها موعودة إلى الوقت المعلوم(زوال المادة الانفسية البدن ,وزوال المادة الآفاقية هي عالم الطبيعة) وهذه الطاقة السوئية لها الاستعداد ان تزود الإنسان بما يحلو له من الشر وفقا للتمنهج بمراتب السوء النفسي كونها عيبة الشر كله.
2.الجهة الثانية هي(العقل)ومرادي من العقل هو مقدار استثمار تلكم الطاقة النفسية بالشر وبمجموع الأمرين يكون الحدث اليومي في الشر وبما إن استثمار الطاقة متفاوت لدى البشر لذا تفاوتوا بالشر وكذلك الأمر بالنسبة إلى الخير.
إذن الشر محركه النفس ومقدار استثمارها, والخير محركه الروح ومقدار استثمارها كذلك,ولكن علينا أن ندرك أن الروح كينونة أصيلة بمعنى إنها تمثل فعل الله تعالى والفطرة الكونية التي لاتبديل فيها ولا تحويل , فهي باقية في كل العوالم ,وهذا بخلاف الطاقة النفسية فإنها كينونة عارضة بمعنى أنها لاتمثل فعل الله تعالى بل هي أمر عرض علينا نتيجة التقابل الإجرائي في الكون أي نتيجة البدن وعالم الطبيعة وتزول هذه الطاقة بموت البدن وزوال عالم الطبيعة كما أسلفنا.
في الآفاق وفي الأنفس
ما مر ذكره من الجهتين اللتين تنتجان الأحداث اليومية في الخير والشر كان على مستوى الأنفس ويقابلهما في الخير والشر على مستوى الآفاق.
قلنا إن الروح والعقل جهتان تحركان الإنسان نحو الخير ,والنفس الأمارة بالسوء والعقل جهتان تحركان الإنسان نحو الشر ومنهما نرى الصور الروحية والنفسية كأحداث في الخارج ,وهناك جهتان آفاقيتان متطابقتان تماما مع الجهتين اللتين في عالم الانفس وهما:
1.المعصوم (عليه السلام)فهو الجهة التي تساوي الروح في داخل الانسان فالروح هي المعصوم الافاقي والمعصوم هو الروح الانفسية كونهما نسختين متطابقتين بكل صور الحسن والخير .
2.العقل ويمثل كل استثمارات الطاقة الروحية من الإرادات الربوبية الفوقية كالملائكة وغيرهم من جنود ربك فهي استثمارات الطاقة الروحية في الآفاق. ويقابلهما آفاقيا أيضا:
1.الشيطان عليه اللعنة فهو الجهة التي تساوي النفس الأمارة بالسوء في داخل الإنسان فالنفس هي الشيطان الآفاقي والشيطان هو النفس داخلنا كونهما نسختين متطابقتين بكل صور القبح والشر.
2.العقل ويمثل كل استثمارات الطاقة النفسية من الإرادات الشيطانية السفلى في الآفاق .وهنا ملاحظة هامة وهي أن العقل المستثمر للطاقات الروحية في الخير نسميه بـ(العقل الإيحائي),والعقل المستثمر للطاقات النفسية في الشر نسميه بـ(العقل الاهوائي).
الترابط الكوني في الآفاق والأنفس
إلى هنا تبين لنا أن هنالك جهتان في الخير على مستوى الآفاق وجهتان على مستوى الأنفس,وهنالك جهتان في الشر على مستوى الآفاق وجهتان على مستوى الأنفس,وما أود بيانه هو أن هنالك ترابط واتحاد كوني مابين الروح والمعصوم فالروح في الأنفس متحدة مع المعصوم بالآفاق ,وهنالك ترابط كوني مابين النفس الأمارة بالسوء, والشيطان فالنفس الأمارة في الأنفس متحدة مع الشيطان في الآفاق وهذا الترابط الكوني قهري حاصل في كل ذات آدمية حيث إن وجود الروح والنفس الأمارة أمر قهري تستبطنه كل الذوات,أما العقل فهو محل الاختيار فان استثمر الطاقة الروحية نفسا وآفاقا أصبح العقل عقلا روحيا(إيحائيا) وان استثمر الطاقة النفسية نفسا وآفاقا أصبح العقل عقلا نفسيا(أهوائيا).
لنحذر استثمار الطاقات
فالإنسان الذي استثمر عقله الروحي الإيحائي فهو سبوح في الشبكة الروحية الافاقية,كون باطن الإنسان من خلال الاتحاد والترابط الكوني أصبح شيئا واحدا عندها يكون قلبه وعاء المعارف الربوبية التي تتنزل عليه من خلال اتحاد استثماره العقلي الشخصي مع الاستثمار الافاقي للإرادات الكونية الافاقية(كالملائكة) فتكون إراداته عين إراداتهم عندها يقل للشيء كن فيكون,أما الإنسان الذي يستثمر عقله النفسي(الاهوائي) الآمر بالسوء فهو سبوح في الشبكة النفسية السوئية الآفاقية,كون باطن الإنسان من خلال الاتحاد والترابط الكوني أصبح شيئا واحدا عندها يكون قلبه وعاء للمعارف الشيطانية التي تتنزل عليه من خلال اتحاد استثماره العقلي الشخصي مع الاستثمار الافاقي للإرادات الشيطانية الكونية الافاقية(الشياطين) فتكون اراداته السوئية عين اراداتهم السوئية عندها يصبح من الشياطين .
إذن هنالك شبكة روحية في الآفاق تستبطن كل الخير,ولها صورة مصغرة لهذه الشبكة داخل الإنسان وهي روحه الشخصية,وهنالك شبكة نفسية سوئية في الآفاق تستبطن كل الشر ولها صورة مصغرة في داخل الإنسان وهي نفسه الأمارة بالسوء الشخصية,أما العقل فهو صاحب الاختيار في الاستثمار فلنحذر الاستثمار.
ولو نظرنا بالاستدراك الروحي لوجدنا:
ان العرفان هو(الطاقة الروحيةX العقل الإيحائي الروحي)=الحدث اليومي المعرفي.
أما الاستجهال فهو(الطاقة النفسيةX العقل الاهوائي النفسي)=الحدث اليومي الاستجهالي.
وهذا الأمر واقعه الاتحاد الكوني الافاقي حيث إن:
الطاقة الانفسية X الطاقة الافاقية =الطاقة الكونية في الخير أو الشر بحسب الطاقة والاستثمار.
والاستثمار الانفسي الشخصي الإرادات الشخصية Xالاستثمار الافاقي الإرادات الافاقية=الاستثمار الكوني ومن خلال هذه المعادلات الكونية ندرك معادلة الانسان الكامل وندرك معادلة الانسان العارف ومن خلال ذلك ايضا ندرك معادلة الشيطان والانسان الجاهل بحسب الاستثمار الكلي او الجزئي للعقل الايحائي او الاهوائي.
وعندها يصبح الإنسان هو الطاقة الكونية كذات للترابط وهو الاستثمار الكوني كفعل وذلك بسبب لترابط أيضا وهذا هو الخليفة أي الإنسان الكامل نعم الطاقة والاستثمار الكونيان مراتب متعددة وبها كان الأنبياء والأوصياء (عليهم السلام)ويلحقهم أولياؤهم وعر فاؤهم وحقيقة كلية الطاقة الكونية كذات وكلية الاستثمار الكوني كفعل هم محمد وال محمد صلوات الله عليهم أجمعين.
علينا إن لانقف على الحدث بما هو حدث
علينا ان لانقف على الحدث بما هو حدث لاننا حينها لن نبصر مافوقه بل علينا ان ننظر للحدث بما هو(طاقة+ استثمار) سواء في جانب الخير أم الشر.
والنظر هنا هو واقع الأخلاق وليس مجرد الاستيعاب الذهني لأننا إذا وقفنا عند حدود الاستيعاب الذهني فحسب فإننا سوف نحبس المعرفة لان حبس المعرفة أن تعيشها فكرا فحسب.
بعض الناس يعزل نفسه عن واقع الحياة اليومية ويتصور أن هذا هو أسلوب العارف وخلق أهل المعرفة,وهذا الأمر ليس صحيحا إلا بحدود المصلحة التي تتطلب ذلك وفقا للرؤية الروحية.
المعرفة هي استلهام الخير خلقا عمليا بعدما أشرقت أنواره في قلب العبد,وبمقدار معرفته للخير يتم معرفة ما يقابله من الشر فيتجنبه,وإلا فالإمام علي (عليه السلام) كان يعرف طرق تحصيل ملذات الدنيا(واني اعرف طريق مصفى هذا العسل ولباب هذا القمح...) ولكن الإمام بمقدار معرفته الأخلاقية كان مستوى تجنبه للدنيا!!!وقسما بحياته المباركة أن الإمام لو أراد الدنيا لم يستطع منافسته في ذلك احد كون لا احد في مستواه الأخلاقي المعرفي إلا الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله) فانه مربيه ومعلمه وملهمه وبهذه المعرفة الكلية يعرف مايقابلها وهو كلية الشر, فليس معاوية بأدهى منه لكن معاوية يغدر ويفجر وهيهات أن يغدر أو يفجر علي (صلوات الله وسلامه عليه).
وكذلك فان العارف بالشر بمقدار معرفته الأخلاقية السوئية للشر فانه يتجنب الخير وإلا فمن أين للشيطان معرفة أن الفئة الوحيدة التي تنجو من إغوائه هي فئة(المخلصين) ؟ومن أين له معرفة عدم قدرته على إغوائهم؟ والجواب ان التخلق العملي بالشر يوجب معرفة ما يقابله من الخير وبمقدار التخلق العملي بالخير يوجب معرفة ما يقابله من الشر فالتخلق بأحدهما عملا يكشف الثاني من باب التقابل الإجرائي فهل وعينا ان الدنيا كتاب معرفة في الخير والشر؟.
يتحدث بالعرفان وهو ليس بعارف
قلنا ان المعرفة هي الطاقة الربوبية التي استودعها الله تعالى لدى الانسان وكذلك الاستثمار العقلي لهذه الطاقة.
والعارف إنما أصبح عارفا بالأحوال وليس بالألفاظ لكنه يبين أمره بالألفاظ,فالإنسان الذي يدعي المعرفة بالخير ولا يعيشها أحوالا فهذا عارف بالألفاظ من جهة الخير وعارف أحوال من جهة الشر لان هذا الأمر حال من أحوال المعرفة بالشر والقاعدة هي:
ادعاء المعرفة بالخير لفظا من دون خلق يجعل صاحبها من عرفاء أحوال الشر فالمسالة خطرة حقا ومن هنا علينا ان لاننصح أحدا أو نأمره إلا بعد التخلق فيما نصحنا به وإلا سوف نكون من عرفاء الشر لان حالهم هو التخلق بالشر ,ومن الشر التلفظ بالخير وعدم العمل به ولهذا كان أمير المؤمنين يقول (ما أمرتكم بشيء إلا وأتمرت به قبلكم وما نهيتكم عن شيء إلا وانتهيت عنه قبلكم) .
علي بن أبي طالب (عليه السلام) هو سر المعرفة
قلنا إن الذي يدعي المعرفة بالخير ولا يعيشها أحوالا فهذا عارف بالألفاظ فقط والعارف بالألفاظ فقط هو عارف أحوال الشر لان هذا الأمر حال من أحوال المعرفة بالشر ومن هنا ندرك قول علي (عليه السلام): (كلمة حق يراد بها باطل)وفقا للمعادلة التالية:
1_ كلمة حق= ظهور المعرفة باللسان.
2_يراد بها باطل= هو الحال الواقعي للطاقة النفسية السوئية المستثمرة من قبل العقل الاهوائي فالذي يتكلم بالمعرفة وحاله غير ذلك فانه صاحب كلمة حق اراد بها باطلا والسبب ان :(الإرادة الباطلة= الطاقة النفسية السوئية Xالاستثمار الاهوائي),اما الإرادة الحقة فمعادلتها هي(الطاقة الروحيةX الاستثمار الإيحائي),ومن هنا فان العارف دائما وأبدا يعيش المعرفة حالا واقصد بالحال ما يقابل الالفاظ نعم في مقام التبيين للناس يحتاج الالفاظ واكرر قائلا اننا من خلال ذلك ندرك توصيات اهل المعرفة من تجنب النصيحة مالم نتخلق بها والا كنا من عرفاء أحوال الشر.
طلب الحق والباطل وأقسامهما
وإذا أردنا أن نتوسع أكثر فإننا نبصر الأمور الأربعة التالية:
1_ هناك من طلب الحق فأصابه
2_هناك من طلب الحق فأخطأه.
3_هناك من طلب الباطل فأصابه
4_هناك من طلب الباطل فأخطأه .
وحتى ندرك الكلام الذي شرحناه حول الطاقة بقسميها الروحية والنفسية,وكذلك الاستثمار الإيحائي والاهوائي نحاول ان ندرك المعادلة التالية:
1_فحقيقة الحق= الطاقة الروحية.
2_وحقيقة الباطل= الطاقة النفسية.
3_وحقيقة الطلب للحق= الاستثمار العقلي الإيحائي.
4_ وحقيقة الطلب للباطل=الاستثمار العقلي الاهوائي.
إذن حقيقة الطلب هو واقع الاستثمار أما الحق فهو الطاقة الروحية والباطل هو الطاقة النفسية, فما ذكره الإمام عليه السلام من بيان الحق في الطلب هو واقع نور أهل المعرفة وظلمات أهل الجهل والضلالة.
بيان نوراني آخر
وببيان نوراني آخر نقول:
1_ الحق هو عيبة ووعاء الحقائق حيث ان الحقائق هي ظهورات تفصيلية للحق.
2_الباطل هو عيبة ووعاء الأوهام حيث إن الأوهام هي ظهورات تفصيلية للباطل.والعرفان بالخير هو ان نسير بالحقائق كي نصل إلى الحق ف(سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم)= الحقائق المستدركة بأنوار المعرفة الحضورية,أما (حتى يتبين لهم انه الحق)= الحق.
ويقابل ذلك العرفان بالشر وهو السير بالأوهام وصولا للباطل وهذا هو واقع التقابل الإجرائي الكوني. وبعد هذا ناتي ونقول:
1_ان الحق= الطاقة الروحية .
2_والحقائق=الاستثمار العقلي الإيحائي,ويقابلهما:
1_الباطل= الطاقة النفسية.
2_والأوهام= الاستثمار العقلي الاهوائي,ومن خلال ذلك ندرك إن الحياة الدنيا هي أحداث أوهام أو حقائق وفقا للسير نحو الباطل أو الحق وهذا هو واقع المعرفة
العباس عليه السلام إشراق الحقائق من نور الحق الحسيني
إن النور المبين العباس ابن أمير المؤمنين هو كلية الحقائق للعيبة النورانية الحسينية وما تجليات أهل المعرفة في الحق إلا هي إشراق جمال أبي الفضل العباس صلوات الله وسلامه عليه وهذا واقع بياني كوني,لان الكون قائم على نظام الزوجية البياني وحقيقته هو وفقا للمعادلة التالية:
كلية الوسائل العباسية X كلية المنهاج الحسيني=الممثلية الكونية لله تعالى,وهذا أمر سوف نتطرق له بالتفصيل الواسع في المحطة الثالثة من (محطات مسافر).
التقابل الإجرائي وروايات أهل البيت (عليهم السلام)
حتى ندرك إن هذا الكون فيه طاقتان كليتان في الخير والشر ما علينا إلا تدبر قاعدة التقابل الإجرائي وعندها سوف يتضح الأمر فقد سئل علي عليه السلام عن العاقل فقال ع:(هو من يضع الأمور مواضعها) ثم سئل عن الجاهل فقال ع:(لقد قلته) يعني هو الذي لا يضع الأمور مواضعها,وهذا هو معنى التقابل الإجرائي في الكون وقد ذكرنا في بحث الحجة في معرفة الحجة الجزء الأول قاعدة التقابل الإجرائي وهذه القاعدة من الممكن ان نستنتج منها انوار معرفية عظيمة وكثيرة فبالإضافة إلى معرفة ماهو العرفان عن طريقها كذلك هناك مبحث معرفي يستنتج من خلالها وهو مبحث واسع تطرقنا له في بحث الحجة كما قلنا وخلاصته إذا أردنا أن نعرف الكثير من أحوال الإمام عج في القران الكريم فلننظر الى ما يقابله في الشر وهو الشيطان الرجيم حيث نجده يشتمل على طاقات هائلة من قبيل قدرته على إغواء الناس أجمعين إلا عباد الله المخلصين وقدراته هذه أعطيت له نتيجة إنظاره بعدما طلب الإنظار وهذا يعني ان إنظاره هذا له ما يقابله بالضد تماما في الخير وهو انظار الامام عج على ان انظار الشيطان عرضي زائل وإنظار الإمام ذاتي باق فهل يخلو الامام من القدرة التي تقابل الشيطان الرجيم وهي هداية الناس أجمعين ؟وهذا بحث واسع جدا يحتاج الى كتاب خاص به وما ذكرناه هذا الا للتنبيه على السعة النورانية لهذه القاعدة الكونية وهاهنا رواية تشير الى أن الطاقة بالشر كله هو الشيطان في الآفاق والنفس الأمارة بالسوء في الأنفس, وإنها على مراتب فبالتالي ان الطاقة بالخير كله هي المعصوم عليه السلام في الآفاق والروح في الأنفس وإنها على مراتب أيضا وما ذلك إلا للتقابل الإجرائي الكوني ولنتدبر في هذه الرواية المباركة:
رواية الإمام الصادق عليه السلام والتقابل الإجرائي الكوني
عن الامام جعفر بن محمد الصادق(عليهما السلام) قال:لما نزلت هذه الآية:
(والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا انفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم).
صعد إبليس جبلا بمكة يقال له ثوير فصرخ بأعلى صوته بعفاريته فاجتمعوا إليه فقالوا:
ياسيدنا لم دعوتنا؟
قال نزلت هذه الآية فمن لها؟
فقام عفريت من الشياطين فقال:أنا لها بكذا وكذا.
قال:لست لها.
فقام لها آخر فقال مثل ذلك,فقال لست لها.
فقال الوسواس الخناس أنا لها.قال :بماذا؟
قال:أعدهم وأمنيهم حتى يواقعوا الخطيئة..فإذا واقعوا الخطيئة أنسيتهم الاستغفار.
فقال:أنت لها فوكله بها إلى يوم القيامة).الميزان ج20,ص557.
نعم فهذه هي القوى الايعازية للطاقة النفسية السوئية في الكون ويقابلها القوى الايعازية للطاقة الروحية الكونية في الخير وبها اعتصامنا من وعيد الشيطان بالإغواء فبمحمد(صلى الله عليه واله) نستنير وبآله(عليهم السلام) نستجير والحمد لله رب العالمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق