بيان واقع التسخير الالهي / 2 من كتابنا حقائق كونيه
عرفنا في الحقيقة الاولى ان التسخير الالهي هو لازم الخلافة الحقة
وهذا التسخير لايمكن ان ينفك تعقلا وخارجا عن اقترانه بوجود الخليفة الالهي
(الانسان الكامل) وعرفنا ان الانسان الكامل هو التجلي الفعلي الالهي في جهاته
الثلاثة:
1- الخارجي (عالم الغيب والشهادة).
2-التشريعي (القرآن الكريم).
3- المعصوم( الخليفة او الانسان الكامل).
هذه الجهات الثلاثة هي واقع تجلي الحق سبحانه وفق نظام التقدير
والتدبير الالهيين, هذه الجهات الثلاثة حالة انطباقية متساوية فالخليفة هو حقيقة
عالم الغيب والشهادة وهو حقيقة القرآن الكريم.
فكما ان حقيقة القرآن الكريم هي مقام الاحصاء لكل شيء (وكل شىء
احصيناه كتابا) كذلك المعصوم هو مقام الاحصاء لكل شيء, وعالم الغيب والشهادة هو
واقع كل شيء لذا يقول المعصوم (انا القرآن الناطق) وكذا يقول (انا الصراط
المستقيم).
ثم اذا تأملنا وجدنا الخليفة الالهي قد طوى الله تعالى فيه عالم الغيب
والشهادة والذي يعني هو القرآن الكريم.
فالمعصوم هو القرآن الكريم في مقام التجلي الشخصي.
وعالم الغيب والشهادة هو المعصوم في مقام التجلي الشخصي.
ان الله تعالى اراد ان يشرح المعصوم بايجاد عالم الغيب والشهادة.
وكذلك القرآن الكريم فالمعصوم هو واقع كل الاشياء وكل الاشياء هي مقام
شرح وجوده وتكوينه.
فخلاف الحكمة ان يكون الخليفة الحق غير عالم ببعض العوالم الوجودية
فهذا يعني ايضا انه غير عالم بكل القرآن غيبه وشهادته وهو خلاف كونه الخليفة
الالهي.
وعليه فمسألة تسخير كل الاشياء له تعتبر من شؤون مقامه الرفيع؛ كونه
تجلي الحق سبحانه. اننا اذا نظرنا الى القرآن الكريم وهو يحدثنا عن بعض المقربين
لديه وهو (اصف بن برخيا) لوجدنا انه استطاع ان يحضر عرش بلقيس قبل ارتداد الطرف
وقد علل القرآن الكريم ذلك بانه يحيط ببعض علم الكتاب.
فالذي لديه علم من الكتاب- وهو واقع بعض العلم التكويني والتشريعي-
استطاع احضار العرش وسخر له ذلك فما بالك بمن عنده علم الكتاب كله؟!!فماهي الفترة
الزمنية حينها
اساسا لازمان نعم لضيق العالم الدنيوي يستلزم الزمان ولو باقل مراتبه
(كلمح بالبصرأوهوأقرب)
يقول قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ
عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ (1) والتصريحات من لدن مقام الخاتم (صلى الله عليه
وآله وسلم) وكذا من قبل آله الطاهرين تؤكد ان الذي عنده علم الكتاب انما هو محمد
وآل محمد صلوات الله علهيم اجمعين.
فمن خلال ذلك نعرف ان واقع التسخير انما هو لمقامه العلمي (عنده علم
الكتاب) الذي هو لازم حتما لمقامه التكويني
(خليفة الله تعالى).
ان الله تعالى قد تجلى بالقرآن الكريم وبعالم الغيب والشهادة
وبالانسان الكامل وهذه الجهات الثلاثة حالة متساوية لمن كان له قلب او القى السمع
وهو شهيد.
__________________
1.الرعد آية:43
على ان لايفوتنا من ان القصد من مقامه العلمي ليس هو العلم الذهني من
قبيل ارتسام الصور والمفاهيم والبرهان الاستدلالي بل هو نوع خاص من العلم لازمه
حضور كل شيء لديه وهيمنته القهرية على كل شيء بامر منه تعالى كونهم مقام (الاسماء
الحسنى) والتي تعني الجهات الثلاثة التي ذكرناها.
ونستطيع تلخيص الحقيقة ببيان هذه المعادلة للجهات الثلاثة:
1- الانسان الكامل = القرآن الكريم ( في غيبته وشهادته).
2- الانسان الكامل = عالم الغيب والشهادة
1- القرآن الكريم = الانسان الكامل ( محمد وآل محمد ) صلوات الله
عليهم اجمعين.
2- القرآن الكريم = عالم الغيب والشهادة.
1- عالم الغيب والشهادة = الانسان الكامل
2- عالم الغيب والشهادة = القرآن الكريم
وكل واحدة من هذه الجهات قد انطوت فيها الجهة الاخرى تماما بحسب
مايناسب واقعه التحقيقي وهذا مانقصده بالتساوي وعند غض النظر عن التعدد نجد ان
الحقيقة هي
(تجلي الحق سبحانه الفعلي لاستحالة تجليه الذاتي).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق