جهودنا الجماعية وآداب
العمل في القران الكريم
بسم الله الرحمن الرحيم
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ
وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً }الأحزاب70
صدق الله العلي العظيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واهل
بيته امان العالمين
اولا:ان عملية كتابة البحوث وخدمة المدرسة القرآنية وخدمة مدرسة اهل البيت
عليهم السلام هي كعملية تناول الطعام,فالمعرفة طعام فعن الامام الباقر عليه السلام
في تفسير الاية المباركة({فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ }عبس24/ إنّه قال: «علمه الذي يأخذه عمن يأخده»تفسير البرهان ج4 ص429
وقد روي عن الإمام الصادق(عليه السلام) ايضا ما يشابه
معنى الرواية أعلاه نفس المصدر السابق.
فالطعام هنا في مرتبة من مراتب كاشفيته الواقعية[1]
هي المعرفة والعلم كما عن الصادقين عليهما السلام ،
ثم ان هذا
الطعام عند تناوله يحتاج الى (معدة)تحوله الى مادة غذائية مفيدة للبدن في تصاريف تجردها حتى تصبح طاقة
لهذا البدن بشتى صروف وانواع الفائدة من فيتامينات ونشويات وسكريات ووو...في كل
مايصدق عليه انه فائدة غذائية تمثل عصارة وخلاصة الغذاء.
اذن فنتيجة
الطعام انه يمكث ويلبث في البدن حتى يستمر ويدوم.
هذه هي النقطة الاولى.
ثانيا:ان
فكر اهل البيت عليهم السلام ومن فكر
وتدبر وفي مدرستهم بثقليها القران والعتره الطاهره ,يحتاج الى(معدة) وكل جهد من جهود الاخوان في
مجموعه يمثل ويشكل (المعدة) لافكار اهل البيت عليهم السلام فبعد تلكم الجهود الجماعية يمكن القول ان طعام
المعرفة لدىالعرفاء والعلماء في مدرسة اهل
البيت عليهم السلام قد تحول الى مادة غذائية فكرية للمجتمع ببركة عمل المعدة
الفكرية للاخوان,وهذه هي النقطة الثانية.
ثالثا: ان
الغذاء سواء كان ماديا كالاكل والشرب او معنويا كالعلوم والمعارف انما يتم هضمه
بواسطة(المعدة) وبعدها يتم تحويله الى داخل البدن او خارجه ,فاما داخل البدن فهو
الفائدة الغذائية(طاقة) واما خارج البدن فهو الفضلات,وهذه هي النقطة الثالثة.
رابعا: نحن
نلاحظ في حياتنا اليومية ان كل واحد منا ياكل ويشرب ,وبعد ذلك نراه يضطر الى طرح
فضلاته في دار معدة لذلك من باب محاسبة النفس في تعاملها مع الغذاء في الاكل
والشرب,وهذا الامر عقلائي
لا
اهوائي,ومع ذلك فاننا نمارس نشاطاتنا اليومية مع مانطرحه اضطرارا من تلك الفضلات وهي
مجموع الارادت الثلاثة السيئة(الغائط والبول والريح الفاسدة في البطن),وكل ذلك يتم
خلال اليوم ثم نمارس كل اعمالنا بصورة عقلائية من دوام وظيفي او اي عمل اخر,ولايراه
الشرع ولا العرف امرا مرفوضا لان الكل الا مارحم ربي متساوون في هذا الحال الاضطراري
لذا لاياس ولاقنوت من الروح والرحمة ,وهذه
هي النقطة الرابعة.
خامسا:
وعلينا ان ندرك_ونحن نمثل المعدةالمحاسبة والهاضمة والمنظمة لافكار اهل البيت
عليهم السلام فيما نقدمه للمجتمع_ اقول
علينا ان ندرك اننا في حال هضمنا لمعارفهم وعلومهم القرآنية لابد وان يكون هناك ماهو داخل
من فائدة الغذاء الفكري بشتى انواع الفائدة ,وما هو خارج الفكر من فضلات التعب
النفسي والاراء الفاسدة من اقوال وافعال حالنا في ذلك حال الغذاء المادي تماما
فكما ان الغذاء المادي الذي تحاسبه المعدة منه مايبقى داخل البدن كالفيتامين ومنه
خارج البدن وهي الفضلات ,فان الامر كذلك بالنسبة لتلقينا للمعارف والعلوم.
ونحن اشرنا
الى ان مانطرحه من فضلات لا يمثل امر غير موزون بل هو امر قلنا من ان الشرع والعرف تعامل معه تعاملا موزونا
فاعتبرت المسالة مقبولة في حالنا المادي,واذا تعاملنا مع الامر بالقبول واتخاذ
الاجراء المناسب لهذا الامر من تطهير وتنظيف,فعلينا ان نقبل الامر كذلك في حالنا
المعنوي كون هذا الامر في حاله المعنوي يحاكي التربية الالهية فان العمل على وفق
التربية الالهية يكتب له النجاح دائما لانه لايصح الا الصحيح.
وكما اعددنا
مكانا سلفا للفضلات المادية فليعد كل واحد منا مكانا يحاسب فيه نفسه فيما طرحه من
فضلاته النفسية,على ان لايشكل هذا ياسا واحباطا فان خروج الفضلات امر طبيعي نتج من
عدم الموازنة الكونية في تقدير كميات الطعام والشراب,وكذلك التعب النفسي والارهاق
الذهني هو فضلات خرجت نتيجة هظم الطعام
المعرفي,ومع ذلك فلابد وان نخصص وقتا ومكانا لانفسنا كما قلت نحاسب فيه انفسنا من
فضلاتها ونقوم بالتطهر والتنزه عنها,كما نصنع ذلك اظطرارا في حالنا الغذائي المادي
في بيت الخلاء وسميت ببيت الخلاء لامرين:
1_ لان
الانسان يخلي نفسه من امتلائه بالثقالة النجسة.
2_ ولان
الانسان يفعل ذلك مختليا بنفسه عن نواظر الناس.
كذلك الامر
في المعارف والعلوم فلنقبل الامر ونتعامل معه كما نتعامل مع حالنا المادي,فلا نعطل
حدودنا العملية بحجة التعب فنكون كالطفل في نجاسته المادية يبقى ملوثا باكيا معطلا
كل حدوده يريد الايادي تتلاقفه للتطهير واخلائه من بليته النجسة,فلنتعامل مع الامر
بموزونية كما هو في امرنا المادي وهذه النقطة الخامسة.
سادسا:بقي
علينا ان نبين ان سر وجود الفضلات وطرحها من قبل المعدة المادية او الفكرية هو
اننا وعندما نتناول الطعام المادي اوالفكري
لانقدر الله
حق قدره({مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ }الحج74
اي اننا لم
نكن من اهل الموازنة المعصومة التي تقتصر على القدر المكافئ للحاجة وهذا الحال اي
عجز الانسان وبل والحيوان وغيرهما مما خلق الله ممن شانه كذلك محل نظر الرافة
الالهية والقبول الرباني اذ قال سبحانه(عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ)المزمل/
20
فقوله تعالى
اولا:(علم)واقع عالم الامر المتنزه من الاثنينية مطلقا فهو واقعية وترية صرفة.
وثانيا(لن
تحصوه):هو واقع عالم الخلق اي الحياة الدنيا المقترن بالاثنينية دائما وله شرح
طويل ليس هنا محله.
ثالثا:(فتاب
عليكم):هو واقع البداء وهو الارادات العقلية في محل التخيير فيما تختاره النفس من
الاثنينية المادية الخير او الشر النور او الظلمة وهكذا فتوبته هو فتح باب
الاختيار للعبد وما محل الاختيار الا العقل,فالاية المباركة لو تكحلت عينك بنور
البصيرة الروحية لادركت انها الانسان في ابعاده الثلاثة الروح والبدن والعقل
ومايضاهيه من العوالم وهي الاخرة والدنيا
والبرزخ وهذه هي النقطة السادسة.
سابعا: وهنا
نختم حديثنا هذا بالقول ان الامر الذي تحدثنا في ضرورة معاملته معاملة موزونة
وصحيحة, وان لايشكل عائقا وتعطيلا لنشاطاتنا اليومية انما هو في حدود الامر الطبيعي
منه المشترك فيه بين الناس على التساوي اما لو تحول الامر الى اسهال شديد مثلا او
تبول مستمر فهنا ليس صحيحا ان نعامله
المعاملة السابقة بل هو يدل خروج الامر من حالته التي تاب الله علينا فيها
من ضرورة خروجها الى حال يهلك البدن لو استمر,وهنا يتحتم امر المعالجة وكذلك الامر
في الفضلات النفسية فيما لوتحولت الى حال يكون اسهال فكري حاد او نزيف فكري حاد او
هواء فاسد يخرج باستمرار فان اية على الهلاك ولا ينبغي ان يكون الحال سواء
اذن علينا
نعامل التعب والارهاق النفسي معاملتين:
الاولى:معاملة
نتقبل فيها التعب لانه شر لابد منه ثم نهيأ حالنا له باعداد المكان والوقت المناسب
للمحاسبة يوميا.
الثانية:معاملة
علاجية مشفقة ندرك فيها خطورة التعب فنسرع للمعالجة ولا نبقى ننوح لان نوح النفس
نوح بالباطل فلنجتنبه ونعالج الامر.
نصيحة من اهل
دار البقاء
نصحني احدهم قائلا لي:عندما يضيق صدرك فاعلم انه
غرفة ,ولكل غرفة منفذ فافتح نافذة صدرك كي يدخله الضياء والهواء, فيزول ماهو مكروه
من الاجواء وتكون في سير عملي نحو النقاء.
ثم نصحني
قائلا :
ليكن
تعاملكم وتعاونكم كالسلام في ابتدائه ورده ,فانه لايليق ان يكون من طرف واحد واذا
ما ابى احدهم السلام واراك سوء القول والعمل فقل حينها(سلاما) اي قل له بالحال اين
ابتداؤك بالسلام؟
[1] _ سوف نبين في منهجة البحث الاستقرائي التفسيري ,ان حجية
الظهور اللفظي والمعنى الباطني الصحيح لا تعارض بينهما بل هما امران لابد منهما في
تشكيل رؤية تفسيرية صحيحة وفق واقع المعادلة القرانية في الخطين الافقي والعمودي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق