
الرؤية
الأولى: الإلقاء والتلقي في القرآن
الرؤية
الثانية: الصبر ومقاماته في القرآن
الرؤية
الثالثة: الحظ في القرآن
الرؤية
الرابع: العظمة في القرآن
الرؤية
الخامسة: الخلاصة
الرؤية
الأولى
التلقي
والإلقاء في القرآن الكريم وفيها نظرات
v النظرة الأولى: القانون الكوني في تلقي المعصوم B.
v النظرة الثانية: القانون الكوني في تلقي غير المعصوم B.
v النظرة الثالثة :القانون الكوني في الإلقاء الإلهي .
v النظرة الرابعة :القانون الكوني في إلقاء السحر .
v النظرة الخامسة: القانون الكوني في الإلقاء الرحماني .
v النظرة السادسة :القانون الكوني في إلقاء المعجزات
النورانية .
v النظرة السابعة :القانون الكوني الكتاب .
v النظرة الثامنة :القانون الكوني في القاء المعجزات
المادية .
v النظرة التاسعة :القانون الكوني في الالقاء في النار .
الرؤية الأولى
التلقي
والإلقاء في القران الكريم
هذه مجموعة من القوانين الكونية والتي فيها
بيان التلقي والإلقاء حيث إن الآية والرواية هي إستقراء حضوري وشهودي
لملكوت وملك السموات والأرض, وتشتمل على نظرات .
النظرة
الأولى
القانون الكوني في تلقي المعصوم
)وَمَا أَرْسَلْنَا
مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى
الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ
ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ([1]
في هذا
القانون الكوني أمور من أهمها :-
الأمر الأول لكل رسول
ونبي عدو من شياطين الجن والإنس يساويه بالمقدار الفعلي ويعاكسه الاتجاه .فجهة الأنبياء
والرسل هي الله تعالى ولكل جهة اتجاه فاتجاه الأنبياء والرسل هو السير الفعلي في الأفاق
والأنفس حتى يتبين لهم الحق والواقع ورؤيته بعين اليقين أما جهة الشيطان الذي
يقابل الأنبياء والرسل فهي السير في الأفاق والأنفس حتى يتبين الباطل واللاواقع
ورؤيته بعين الضنين. لذا فأن الشياطين تتجه إلى الشيطان الخاتم
وهو النفس الكلية بالشر والسوء0
الأمر الثاني كل الأنبياء
والرسل قبل رسالة ونبوة الخاتم كانت رسالاتها
ونبواتها معصومة بالعرض عصمة كلية عامة , ومعصومة بالطول عصمة جزئية خاصة ,
لذا نرى ان البعض يكمل البعض الآخر بالعصمة الطولية لِعلو بعضهم على البعض
بالدرجات.
وهذه العصمة
الخاصة بالطول تدفع الأنبياء (عليهم السلام) أن يبحثوا عن العصمة الطولية والعصمة
الكاملة, والتي هي حقيقة محمد وآل محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين , فيطلبون
هذه الحقيقة الكاملة والخاتمة للرسالات,
وهو أمر كمالي مع إنه إلقاء شيطاني , إلا أن الأنبياء والرسل يطلبون بهِ الكمال
ومعرفة الحقيقة الكاملة, فينسخ الله ما يلقي
الشيطان, ويحكم ذلك بأم الكتاب بالحقيقة المحمدية الكاملة وبإجراء عملي كما رآها أدم (عليه السلام) على
ساق العرش, بمعنى على طول الروح ؛ كون الروح هي العرش الإلهي العظيم.
وكما رآها
موسى عليه السلام في التجلي على الجبل, والمتجلي
به هو القرآن, وهذه إشارة إلى ان موسى(عليه السلام) لا يحتمل الحقيقة الكاملة أبداً
كونه ليس هو الخاتم
وهكذا فأن
كل الأنبياء والرسل يبحثون عن الحقيقة الكاملة, فالشيطان يلقي في أمنياتهم الحسد
والبغض وهم يتفاعلون بها بالغبطة
والمحبة للمعرفة, وهذا هو حقيقة النسخ
للأمنيات المتلاشيات بالأمنيات الباقيات, فينصرف فعل الأنبياء والرسل إلى
العلم والحكمة كما أشارت بذلك نهاية الآية الكريمة .
وهذا
الكلام يدور في دائرة العصمة, يعني ان الكلام فوق خط العصمة ,فالأنبياء كلهم معصومون, نعم للعصمة درجات إعتصامية
متفاوتة , فلكل نبي درجته الاعتصامية العامة في العرض والخاصة في الطول إلا مقام
محمد وآل محمد (صلوات الله عليهم أجمعين) فعصمتهم عامة في طولها وعرضها, لذا فهم أهل
مقام الخاتمية في قسميها : النبوة والرسالة الخاتمة والولاية والوصاية الخاتمة.
مخطط العصمة في دائرة
خط ما فوق العصمة في سيرها
بالعرض السير الأفقي .
![]() |
مخطط رقم (1) دائرة خط
ما فوق العصمة في سيرها بالعرض السير الأفقي.
مخطط لدائرة
العصمة في سيرها الطولي
![]() |
|||||||
![]() |
![]() |
||||||
![]() |
![]() |
||||||
![]() |
|||||||

![]() |
|||
![]() |
|||
مخطط رقم 2 دائرة خط ما فوق العصمة في
سيرها الطولي العمودي
النظرة
الثانية
القانون
الكوني في تلقي غير المعصوم
)يَجْعَلَ مَا
يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ
قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ([2]
إن الآية
الكريمة قانون كوني يتبين فيه الإلقاء من قبل الشيطان والتلقي عند القابل العقلي[3]
المريض بمرض العقد النفسية, والكلام هنا
في خط ما تحت العصمة, أي جهة غير المعصوم, فيكون هذا الإلقاء فتنة, ومن آثاره الخارجية
ان المتلقي يصبح ظالما, والعلة في ظلمه ان خصائصه وصفاته الفعلية في شقاق بعيد عن
صفاته الذاتية, بينما نجد أن العبد المؤمن المحسن تكون صفاته الفعلية اشتقاقية من
صفاته الذاتية, فعنده القابل العقلي[4]
لتلقي الفيض الإلهي والذي ينسخ ما يلقي الشيطان في أمنيته 0
النظرة الثالثة
القانون الكوني في الإلقاء الإلهي
)رَفِيعُ
الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ
مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ([5]
في هذا
القانون الكوني بيان الإلقاء الإلهي وفي بيانه أمور :-
الأمر الأول :إن واقع
الدرجات هو الرتب الكمالية في الاتصاف بالصفات الروحية. والعرش هو مقام الروح تلكم
السلطة العليا في الكون والتي هي محل الأمر
الإلهي.
الأمر الثاني : من هذه
الدرجات ما هو فوق خط العصمة, من قبيل هذا
القانون الكوني الذي يبين رفعة الدرجات الخاصة
بالأنبياء والرسل ) مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ
دَرَجَاتٍ([6]
ومنه رفعة
الدرجات في العمل وفق العبادات والمعاملات كما هو بيان هذا القانون الكوني:
)وَلِكُلٍّ
دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ([7] ومنه رفعة
الدرجات في مقام الخلافة - الولاية الكونية -
)وَهُوَ الَّذِي
جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ([8] ومنها
الرفعة في درجات الإيمان كما في بيان هذا القانون الكوني:
)أُولَئِكَ
هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ
وَرِزْقٌ كَرِيمٌ([9] ومنها
الرفعة في درجات الفضل والتفاضل كما في بيان هذا القانون الكوني:
)انْظُرْ كَيْفَ
فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ
تَفْضِيلاً([10]. ومنه الرفعة
في درجات العلم كما في بيان هذا القانون الكوني:)
يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ
أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ([11] .
الأمر الثالث : مبدأ
الرفعة والتدرج الكمالي هو السير الإيماني والعملي إلى الحقيقة الذاتية الآدمية العالية (كلمة الله هي العليا) لان
التكامل يسير إلى كلمة الله هي العليا . وأما التسافل فأنه ينحدر إلى حيث كلمة الشيطان وهي الكلمة السفلى .
فالروح هي
الكلمة الإلهية العليا, والنفس هي الكلمة الشيطانية السفلى. فالرفعة في الدرجات إنما
هي تلقي أمر من الأوامر الإلهية الروحية, وهذا الأمر هو واقع النفحة الإلهية التي
دعانا الله تعالى للتعرض لها وتلقيها كما في الحديث الشريف :(إن لربكم في دهركم نفحات فتعرضوا لها) .
الأمر الرابع : قوله
تعالى (على من يشاء) فان الإلقاء الإلهي لمن سار من عالم الإحياء –المادة- إلى
عالم الإنشاء- الطاقة الكونية- التي يسير بها كل عالم المادة, وهو عالم الروح
والقوانين الكونية الثابتة .
النظرة
الرابعة
القانون
الكوني في إلقاء السحر
)قَالَ أَلْقُوا
فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا
بِسِحْرٍ عَظِيمٍ([12] ففي هذه الآية
بيان هذا الإلقاء الشيطاني لقوانين السحر, وهو عبارة عن معادلات بايروسكلوجية وفق تنظيمين :
الأول :
التغير الباطني والتصرف بالإرادات, وهذا الأمر من الصلاحيات المنوطة بإنظار الشيطان وفقا لاستحقاق جنته
الدنيا فله مايشتهي وله مايدعي إلى الوقت المعلوم (نهاية عالم المادة)
وهذا
القانون الكوني يدل في بيانه واستقراءه
الواقعي على ذلك )وَاتَّبَعُوا
مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ
وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ
عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ
أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ
مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ
بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا
يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي
الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا
يَعْلَمُونَ[13](
فالسحر هو انتظام
نفسي بنظم السحر بمعنى قوة من قوى النفس الأمارة بالسوء, فالسحر ظلمة من ظلمات
النفس الشيطانية الكلية.
الثاني: الانتظام بنظم
التخيل وجعل نحو غشاوة بتأثير سحري على عيون الرائين فيحصل التخيل لأشياء وكأنها
حقيقة . وفي هذا الأمر يصرح القانون الكوني )قَالَ
بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ
سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى([14]
النظرة
الخامسة
القانون
الكوني في الإلقاء الرحماني
وفي قبال الإلقاء
الشيطاني للسحر هنالك إلقاء رحماني للحقيقة
والتي قضت على كل أعمال السحر , لآن السحر هو افك ولا حقيقة له, أما
الإلقاء الإلهي فهو حقيقة وجودية لها وظيفتها الوجودية والتكوينية, كتمثيل روح
القدس بشرا مع انه بذاته ملك وليس بشرا, وكتشبيه روح القدس بعيسى (عليهما السلام)
وهو ليس ذات عيسى ولا ذات روح القدس عليهما السلام .
فالإلقاء
الرحماني واقع وجودي وتكويني وهو على مراتب كما هو واضح ومنه إلقاء موسى(عليه
السلام) للعصا, ويقابله الإلقاء الشيطاني وهو إلقاء وهمي لا واقع له وهو على مراتب
أيضا ومنه إلقاء السحرة ؛ فبين الإلقاء الرحماني والإلقاء الشيطاني تقابل إجرائي .
النظرة
السادسة
القانون
الكوني في إلقاء المعجزات النورانية
وهنا قانونان
كونيان فيهما بيان إلقاء المعجزات النورانية وهما :
القانون
الكوني الأول: )وَأَلْقِ
عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ
يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ([16]
إن الإلقاء
ألإعجازي هو شي طبيعي لانه من قوانين الطبيعة إلا إنه ينزل من الغيب-الملكوت- قبل
تسلسله الزمني فيكون عندها حالة اعجازية فلو كانت القنبلة الذرية مثلا في قبل 300 عـام
وقبل حصول مقتضياتها وأسبابها المادية فسوف تكون معجزة .
ويصورها
الناس على انها خارقة لقوانين الطبيعة بينما اليوم هي ليس بمعجزة لملائمتها مع
زمنها .وفي هذا القانون إشارة الى ان الإلقاء الاعجازي يلقى على الرسول فتكون من معجزاته, وكذلك هناك إشارة إلى عدم
الخوف من الشيء الاعجازي, فالإلقاء لا يكون إلا على من يستحق ومن له قابلية للتلقي
وهو مقام الرسول أو النبي أو الولي (عليهم السلام).
القانون
الكوني الثاني: )وَأَنْ
أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً
وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ([17]
وفي هذا القانون
الكوني إشارة أخرى للتلقي أللدني وهو الأمن.
,فالعبد له مع ربه طريقان ولكل طريق ثلاث حالات سلوكية:
الطريق الأول : (حب المعرفة)
ومراتبه:
01 يأتي
العبد لله تعالى خوفا من ناره وهذا لازمه انه
لا يتحقق الخوف من النار إلا بمعرفتها , وقد عبر عنها المعصوم عليه
السلام بأنها عبادة العبيد.
02 يأتي الله تعالى طمعا في جنته وهذا لازمه انه لا يتحقق الطمع في
الجنة إلا بمعرفتها, وقد عبر عنها المعصوم
(عليه السلام) بأنها عبادة التجار .
03 يأتي الله تعالى أمنا في الله لانه أهلا
للعبادة لا طمعا في جنة ولا خوفا من نار, وقد عبر المعصوم(عليه السلام) عنها بأنها
عبادة الأحرار.
الطريق الثاني: ( معرفة الحب ) ومراتبه.
01 يأتي الله
تعالى كرها لعذابه, وهذه عبادة أهل النفس.
02 يأتي الله
تعالى طوعا لثوابه ,وهذه عبادة أهل العقل.
03 يأتي الله تعالى حبا في الله, وهذه عبادة أهل
الروح.
ومن هنا
ندرك ان أهل الأمن وأهل الحب هم أهل التلقي والفيض الإلهي؛ لأنهم قد وصلوا إلى
القابل الذاتي بقدر سيرهم الفعلي.
النظرة
السابعة
القانون
الكوني في إلقاء الكتاب
)قَالَتْ يَا
أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ([18] وفي هذا
القانون الكوني بيان لإلقاء الكتاب الذي يحمل الكرامة التبليغية فالتبليغ هو
السلطة التشريعية, أما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهو السلطة السياسية, فالخير
والكرامة لامتنا الإسلامية كان مشروطا بدورها السياسي:القضاء والإجراء. )كُنْتُمْ خَيْرَ
أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ
الْمُنْكَرِ([19]
فلو رفع الشرط انتفى المشروط, وهذا يعني ان
السياسة بواقعها الإلهي لا تنفصل عن الدين, فالدين جهة التبليغ بالقوانين الإلهية السلطة التشريعية , والسياسة
هي جهتا القضاء والإجراء فهما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من جهة التطبيق
العملي .
النظرة
الثامنة
القانون
الكوني في إلقاء المعجزات المادية
)فَلَوْلا
أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ
مُقْتَرِنِين([20]
وفي هذا
القانون الكوني بيان ان أهل الطبيعة والمتمسكون بها تمسكا إيمانيا بان ليس هناك ما فوقها ولا ورائها إنما
يريدون المعجزات المادية , وان حصلت لهم لايهتدون بها فهم لا يؤمنون بما فوقها وما
وراءها, ولو ألقى عليهم الرسول الأكرم محمد(صلى الله عليه واله)لاشكلوا على ذلك
فضلا عن نكرانه ورفضه لانهم ليسوا أهلا ولا قابلا فعليا لنزول مثل هذا الإعجاز .
النظرة
التاسعة
القانون
الكوني في الالقاء في النار
)تَكَادُ
تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا
أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ ([21]
وفي هذا
القانون الكوني بيان الالقاء في النار ويعني إلقاء الأوامر الفوقية والتي عبر
عنها بالغيض والصرامة, والتي ليس في رحمتها
رقة ولا في جبروتها شفقة. إن القوانين
الثابتة الكلية عبر عنها بالفوج
وقد اندرج الملقى تحتها باختياره العملي لان واقع الأمر بما كنتم تعملون فبسبب كون
الأوامر فوقية عبر عنه بالإلقاء كإلقاء شخص مثلا من فوق البناية العالية, فلأن
الجهة عالية عبر عنها بالإلقاء .
الرؤية
الثانية
الصبر
ومقاماته في القرآن الكريم وفيه نظرات
v
النظرة الاولى : قانون كوني الصبر فرع
الاستعانة
v
النظرة الثانية : قانون كوني الصبر عيبه
البلاء والجزاء
v
النظرة الثالثة : قانون كوني الصبر مفتاح
لأربع مقامات
v
النظرة الرابعة : قانون كوني الصبر مقدمة
الجهادين الاكبر والاصغر .
v
النظرة الخامسة : قانون كوني الصبر يمحق
الوهن والضعف
v
النظرة السادسة : قانون كوني الصبر مفتاح
محبة الله تعالى
v
النظرة السابعة : قانون كوني الصبر مفتاح
الحكمة
v
النظرة الثامنة : قانون كوني الصبر بذاته
أجر أخروي
v
النظرة التاسعة : قانون كوني الصبر مفتاح المعية
الالهية
الرؤية الثانية
الصبر ومقاماته في القران الكريم
وفي هذه
الرؤية نظرات ننظر فيها مقامات الصبر من خلال استقراءات القران وفقا لقوانينه الكونية
الثابتة, والتي لاتبديل فيها ولاتحويل لنكون على بيان وعيان من الحقيقة.
النظرة الأولى (قانون كوني)
الصبر فرع الاستعانة
)يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ
الصَّابِرِينَ ([22]
الطاعة لله
تعالى لها قسمان :
القسم الأول
: العبادات والتي عبر عنها بقانونها الكوني( إياك نعبد)
القسم
الثاني : المعاملات والتي عبر عنها بقانونها الكوني (إياك نستعين) ومرادنا بالمعاملات
كل تدبير للعبد .
وكل من
الطاعة بقسميها: العبادات والمعاملات جعلها الله تعالى له أولا ولم يجوزها لغيره
جوازا أوليا, وإنما جوزها جوازا ثانويا للذين
وصلوا بها (العبادات والمعاملات ) إلى أمره (الروح) فجعلهم آولياءا لأمره
ثانيا وعقد طاعتهم بطاعته, لذا كانت الطاعة لله ولرسوله ولوليه في العبادات (إياك نعبد ) والمعاملات ( إياك
نستعين )؛ فهم الذين انعم الله عليهم
بنعمة الهداية التشريعية كونهم قد استحقوها
بقبال وصولهم في أنفسهم إلى الهداية التكوينية
(أهدنا الصراط المستقيم) وهو مقام الإنسان التكويني الكامل بذاته والتام في فعله.(
لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ). وقد أفردنا لها بحثا مستقلا في تفسير سورة الفاتحة
سيلقى حظه من النشر إنشاء الله تعالى 0
المهم هنا
هو إن الصبر فرع الاستعانة, والاستعانة هي المعاملات في الدين والدين الإسلامي دين
المعاملة؛ كون المعاملات هي القوانين
الفقهية التي يتصل بها العبد مع ربه وفقا لتربيته المعاملاتية من جهة ويتصل
بها العبد مع العباد في الأفاق بالتربية الإلهية المعاملاتية من جهة أخرى .
فكل
المعاملات التشريعية قضاءا وإجراءا هي
القوانين التي يستعين بها العبد في الأمرين: الدنيوي الصالح والأخروي الصالح. اذن فالصبر
هو حقيقة من حقائق (إياك نستعين) أما الذي
لا يطيع الله تعالى فأنه يطيع غيره بعباداته ومعاملاته فيكون بذلك قد عبد واستعان
باله آخر وهو هواه على اقل تقدير .فالسيارة التي كانت وفقا لمعاملة إلهية فهي
استعانة بالله تعالى,وكذلك القرض والاستعارة والإجارة وغيرها إذا كانت منضبطة
بقوانين المعاملات الإلهية فهي استعانة بالله 0
فالاستعانة
بالله تعالى هي الاستعانة بالقوانين الإلهية
الكونية والتشريعية0 فالمؤمن المستعين بالقوانين الإلهية تكوينا وتشريعا
فأنه يصل بذلك إلى ذاته, وذات العبد هي فعل الله وهي معرفة الربوبية, لأن معرفة
المتربي تدل على معرفة المربي في الأنفس والآفاق 0
النظرة الثانية (قانون كوني)
الصبر عيبة البلاء والجزاء
)وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ
بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ
وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ([23]
الصبر له قسمان :
القسم الأول
: الصبر على البلاء, والبلاء بذاته هو كمال؛ لان قانونه الكوني يأتي لسد النقص في
السير الأخلاقي ( العبادات والمعاملات ) وبالمقابل
فأن هذا النقص له آثاره الوضعية, والتي تكون جزاءا يجزى به الفرد أو ألأمة على التقصير والإسراف
في العبادة والمعاملة , أما البلاء هو امتحان الهي كي يتقدم به العبد في الصناعة
الكمالية ويتدرج في مراتب الكمال.
والبلاء
بكل جهاته إنما وجد لترتيب العبد برتب
الكمال, صعودا إن كان صابرا على البلاء,
ونزولا إن كان عاجزا عنه 0 ومن الابتلاءات
الخوف والجوع , ثم إن الابتلاءات يلقيها الله تعالى على
أهل الاستعداد وعلى أهل الاستحقاق
الموزونين بموازين الحلية والحرمة , فيكونوا بذلك مستحقين للاسترقاء الكمالي.ثم
على أهل الاستيجاب الموزونين بموازين
الاستحباب والكراهة فيصبحوا بذلك مستوجبين للاسترقاء الكمالي أيضا.
القسم
الثاني : الصبر على الجزاء والجزاء على وجوه منها:
الوجه الأول
: الجزاء الكوني ويأتي من التقصير في
العمل والإسراف في العقيدة وله ثلاث منازل :
الأول : الجزاء العاجل الآني وهو مايتزامن مع
الفعل الناقص 0
الثاني:
الجزاء الآجل الأدنى وهو مايكون بعد زمن
الفعل الناقص بفترة زمنية هو من ذائقة
العذاب الأدنى أي الدنيوي.
الثالث :
الجزاء الآجل الأكبر وهو الجزاء بعد الموت وله سبع مقامات أهونها الموت 0
الرابع
:الجزاء التشريعي وهو الإجراء القضائي وفقا
للنص التشريعي وله وجهان:
الأول:إن
كان الجزاء وفقا لتشريع الله تعالى من قبيل إقامة الحدود فهو مجز عن عقوبة ذات الفعل الأخروية فتكون العقوبة القصيرة
الفانية بدلا عن العقوبة الطويلة الباقية.
الثاني:إن كان
الجزاء وفقا للتشريعات الوضعية من قبل سجن السارق بالسجن المؤبد مثلا فهذا غير مجز
عن عقوبة ذات الفعل الأخروية, لذا يعاقب عليها بالعذاب الأكبر مع التقييم القانوني لجزاءه الدنيوي الوضعي في
مظلوميته , والاقتصاص من ظالمه بمادتين على اقل تقدير :
الأولى :
عدم إقامة الحد الإلهي عليه ؛ لتكون عقوبته مجزية
ثانيا
: يحشر واضع القانون الوضعي في النار بدرجة
نبي كونه قد أنبا بقوانين عن إلهه الذي قد عبده وهو هواه .
وكما ان
البلاء كمال بذاته فالجزاء نقص بذاته, والجزاءات الدنيوية نقص بالأموال والأنفس والثمرات أيضا, وكذلك
الجزاء يكون مجزيا مع صبر العبد عليه أما
مع العجز عنه فيكون العبد بعجزه قد وضع
نفسه في مساءلة جزائية أخرى وهكذا 0
النظرة الثالثة (قانون كوني)
الصبر مفتاح لأربع
مقامات
)
الصَّابِرِينَ
وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ
بِالْأَسْحَارِ([24]
في هذا
القانون الكوني بيان الاستقراء الواقعي
للصبر فانه مفتاح الصدق والصدق مفتاح النجاة, والنجاة هي حقيقة الفرج
وحقيقة الصدق مقام يتساوى فيه الباطن مع الظاهر فيكون فيه القنوت
مستجابا. لذا كان صاحبه في مقام القانتين, فليس كل قانت يقبل الله تعالى
قنوته. والموانع منه كثيرة وهذا المقام يُمكن صاحبه من الارتقاء إلى مقام
المستغفرين في الأسحار وهم القائمون في صلاة الليل, أذن فالصبر مفتاح لمقامات كونية
أربعة.
أولها: الصبر
مفتاح الصدق والصدق مفتاح النجاة , وبالمقابل فان الجزع مفتاح الكذب والكذب مفتاح
الهلاك.
ثانيا :
الصبر مفتاح القنوت الصادق, والقنوت الصادق مفتاح القبول الإلهي والقبول مفتاح الاستحقاق أو الاستيجاب
.وبالمقابل فأن الجزع مفتاح القنوت الكاذب, والقنوت الكاذب مفتاح الرفض الإلهي, والرفض
مفتاح عدم الاستحقاق أو الاستيجاب 0
ثالثا :
الصبر مفتاح الإنفاق الصادق, والإنفاق الصادق مفتاح البركة والنمو0
رابعا:
الصبر مفتاح قيام صلاة الليل لانه هو حقيقة الاستغفار بالأسحار, وصلاة الليل هي مفتاح النفحات الإلهية.
النظرة الرابعة (قانون كوني)
الصبر مقدمة الجهادين
الأكبر والأصغر
) أَمْ
حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ
جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ([25] في هذا القانون الكوني
نرى بيان إن دخول الجنة له شروط ومن أهم شروطه تحقيق الجهادين :
الأول :
الجهاد الأكبر وهو جهاد النفس وعسكرها الشيطاني, وسمي الأكبر كون واقع المعركة هي
بين فرد كهوية بالعدد وخصائص
بالعدة وبين الشيطان وما منح من صلاحيات الأنظار في الآفاق, ولأنه لا تعرف
عدة العدو ولا عدده. لذلك كان الجهاد النفسي اكبر, فكل ما في الآفاق من شر
المخلوقات هي عدو الإنسان بما فيها نفسه الأمارة بالسوء فهي الجاسوس الاكبر
للشيطان .
الثاني :
الجهاد الأصغر فهو بين جيشين غالبا ما تكون عدتهم وعددهم عيانية لكلا الطرفين وان لم تكن كذلك فهي نادرة
فتكون بيانية 0
وكلا
الجهادين يرتكزان على الصبر فهو المقدمة لهما كما أن الطهارة مقدمة للصلاة, فان الصبر هو طهارة الجهادين,
وخير مثال على ذلك أمير المؤمنين(عليه السلام) في جهاده عندما بصق بوجهه العدو,
فلقد كان (عليه السلام) طاهرا في جهاده؛ كونه صابرا محتسبا خالصا لله تعالى , وليس
لدافع غير ذلك .
النظرة الخامسة (قانون كوني)
الصبر يمحق الوهن والضعف
) وَكَأَيِّنْ
مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا
أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ
يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ([26]
في هذا القانون الكوني بيان ان الصبر مفتاح
الخلق الربوبي, لذلك فأن صاحبه قوي الإرادة وصلب الهمة, فالصبر يمحق الوهن
والضعف ويمحق الاستكانة لغير الله تعالى, لان الوهن من مقدمات الجزع في المصيبة
لذا يكون الباب الأول من أبواب الشيطان والذي يدخل به إلى الصدور التي وقعت عليها
مصيبة معينة فيشكل ويشكك ويحتمل مصادر المصيبة
فيتهم عدل الله ويشكل على غيره وينزه صاحب المصيبة من أنه لا ذنب له
بها حتى يلجلجه بالتساؤلات لماذا ؟ ولم ؟
والى أين ؟ ومتى ؟ فتكون المصيبة بعشر أمثالها أعاذنا الله تعالى وإياكم. بدلا
من الصبر الذي يحقق المعادلة الحسنه بعشر أمثالها
0
أما الضعف
فهو من إرادات البدن فهو المتحول من حال إلى حال ومن قوة إلى ضعف, ومن ضعف إلى قوة,
والمتصير من صيرورة إلى أخرى, أما الأرواح والعقول فلها إرادات لا ضعف ولا وهن
فيها إلا إلى المالك الحقيقي لقواها.
فالضعف من
معاذير النفس الأمارة بالسوء, والتي تلقيها وتحتج بها فلاتنفع في الدنيا ولا في
الآخرة.
النظرة السادسة (قانون كوني)
الصبر
مفتاح محبة الله تعالى
)وَاللَّهُ
يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ([27] في هذا
القانون الكوني بيان مقام انه من مقامات
الصبر فهو مفتاح محبة الله وسر هذه المحبة, يكمن في السير الذاتي وبيان ذلك إن حقيقتنا
الذاتية هي (إنا لله) هي أناتنا الإلهية ونقصد بها ذات الآدمية المتخصصة بالخصائص الإلهية
فنزول الذات الإمكانية في ليلة التقدير
كان نزولا صفاتيا من الرحمن إلى الصبور فكانت صفة (الصبور) هي الصفة التي
تعتبر القاعدة الاستنادية التي ارتكزت عليها
كل الصفات الذاتية, فهذا النزول وأما الصعود ونقصد به الفعل المتفق مع
الذات وبعبارة أدق الفعل الراجع إلى الذات رجعة صفاتية - عمل الإنسان- يكون هو
واقع (وإنا إليه راجعون) فأول الصفات التي يلزم الفعل الراجع إلى الذات أن يتصف
بها هي (الصبور) لتكون قاعدة الاستناد التي يرتكز عليها في رجعته حتى يصل إلى
الرحمن, وهي دائرة قاب قوسين أو أدنى - مقام
محمد وآل محمد- صلوات الله عليهم أحباء الله وأوداءه فمن فقد أحبهم أحب الله
0
إن الله
تعالى أسس كل شيء على أساس محبته؛ لأنها مبدأ الفيض فأحب أن يعرف فخلق.
والمحبة هي
كل صفاته الذاتية المقدسة من اسمه الله لا اله إلا هو الرحمن إلى الصبور.
أما
المعرفة فهي كل صفاته الفعلية المقدسة من الرحمن إلى الصبور, حيث كل الصفات ما عدى
صفة الإلوهية, فهي ليست من صفاته الفعلية, لذا لا تدرك بالعيان وإنما تعرف بالبيان
فصارت
المعرفة ـ الصفات الفعلية الإلهية ـ هي صفات آدم
الذاتية؛ لذا أحب أن يعرف آدم فخلق منه الله كل شيء.
فمحبة آدم هي
كل صفات آدم الذاتية ـ من الرحمن إلى الصبور ـ
وهي حقيقة معرفة الحب .
ومعرفة آدم
هي كل صفاته الفعلية ـ من الرحمن إلى الصبور ـ
وهي حقيقة حب المعرفة .
النظرة السابعة
(قانون كوني)
الصبر
مفتاح الحكمة
)وَقَالَ
الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ
وَعَمِلَ صَالِحاً وَلا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ ([28]
في هذا القانون
الكوني بيان ان الصبر مفتاح تلقي العلم
والمعرفة؛ لان العلم والمعرفة هما سيران أخلاقيان,
فالعلم هو واقع السير العقلي الأخلاقي
والمعرفة هي واقع السير الروحي الأخلاقي, والأخلاق هي الصفات الذاتية الآدمية –القابلية-
التي يتجلى بها إلى الخارج لتكون ظاهر صفاته الفعلية _الفاعلية_. فثواب الله تعالى
مقام الحظ العظيم ومقام الصبر. وكلا المقامين محل التلقي لما يلقى الله تعالى من
فيض نوره ؛ لان أصحاب المقامين لديهم
القابل للتلقي بما ساروا إليه بسير الفاعل .فالصبر مفتاح العلم ولوازمه,
ومن لوازمه الحلم والحزم. كذلك فأن العلم
مفتاح الحكمة ولوازمها الكثيرة ومن لوازمها الخير الكثير, لذا عبر عنه هذا القانون
الكوني بثواب الله خير, وواقع الخير هو مفتاح الإيمان والعمل
الصالح 0
النظرة
الثامنة (قانون كوني)
الصبر
بذاته اجر أخروي
)قُلْ يَا عِبَادِ
الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ
الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ
أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ([29]
في هذا القانون الكوني
بيان ان الصبر مفتاح التقوى ومفتاح الحسن .
لذلك يكون
الصبر بذاته أجر أخروي يقّيم به العبد الصابر تقييما ثوابيا دون وقفة الحساب؛ لان الصفات الحميدة كلها
ترتكز على الصبر والذي يساوي أجره الآخرة. فأما التقوى فهي الصفات الفعلية للعبد
والتي تجلى بها العبد تجليا عمليا إجرائيا, ولما يقابلها إجرائيا الفجور)فَأَلْهَمَهَا
فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا([30] والحسن هو
الصفات الذاتية للعبد, وأما السوء فيقابله تقابلا إجرائيا عمليا.
النظرة
التاسعة (القانون الكوني)
الصبر
مفتاح المعية الإلهية
بين لنا
هذا القانون الكوني إن الصبر مفتاح المعية الإلهية والمعية الإلهية لها جهتان :
الجهة الأولى
: المعية العامة وهي إن الله مع كل شيء, وهذه المعية في واقعها إن الشيء في ذاته
هو عيبة لصفات الله الفعلية, كون الذوات بالأصل هي فعل الله تعالى, لذا فان الذات
الآدمية هي نقاط يتكون منها مستقيم الفعل الإلهي
0
والله تعالى
مع فعله بالمعية الفعلية والتي لا تغادر صغيرا ولا كبيرا إلا أحصته.
لذا فان هذه
المعية تحتمل الفعل الواحد وهو فعل الله تعالى, حيث القابليات كل شي بقدر وجودي
وتكويني, فلا مدخلية لفعل العبد بالمعية
العامة, فالمسيء والعاصي والمحسن والفاجر والشيطاني والرحماني كلهم في هذه المعية
الإلهية العامة سواء؛ لأنها محل اضطرار, فالذوات دار قرار وصفاتها الذاتية تجري
لمستقر. أما الأفعال فهي محل اختيار كون الأفعال
منازل تجري لممر حول نفسها وحول الصفات الذاتية
حتى تكون تامة بكمال الذات .
الجهة الثانية
: المعية الخاصة وهي اختصاص الله عبده بمعية خاصة مع تحقق المعية العامة التي تحدثنا عنها, وهذه
المعية تحتمل الفعلين فعل الله بتحقق المعية العامة -ذات العبد- وفعل العبد بالفعل
المتفق مع صفاته الذاتية. وبما ان ذاته هي حقيقة الفعل الإلهي فيكون فعل العبد
متفق مع فعل الله تعالى .
فالمعية
العامة متحققة وتحتمل الفعل الواحد وهو فعل الله-ذات العبد- وهي حقيقة صفات الله الفعلية
في جبلة الشيء, فسواء يتفاعل بها أم لم يتفاعل فالله تعالى معه من حيث ذات العبد, وفعل
الله معية كونية ووجودية, أما الذي لم
يتفاعل بها فان فعله غير ذاته, وبما ان ذاته فعل الله لذا فان فعله يصبح مفترقا عن
فعل الله تعالى, وهذا هو الشقاق البعيد فلم يكن لديه الفعل الذي يحقق المعية الخاصة
باتفاقه مع ذاته, والتي هي بالأصل والواقع
فعل الله تعالى. أما الذي قد تفاعل بها فتتحقق
عنده المعيتان.
ان المعية
الخاصة هي الاشتقاق القريب وهو حقيقة الفلق والصفات الذاتية الآدمية الاشتقاقية من
صفات الله الفعلية, وكثيرة هي القوانين الكونية التي أشارات لهذه المعية الخاصة
منها هذه القوانين الكونية الثلاث:
القانون الكوني الاول: بتحقق التقوى تتحقق المعية الخاصة.
)وَاتَّقُوا
اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ([32] وهذا
القانون يبين لنا التقوى إذا تحققت وهي
فعل العبد ( القضاء + الإجراء = العمل
الصالح ) إن تحققت المعية الخاصة وهي فعل الله تعالى .
القانون الكوني
الثاني: بتحقق الإيمان تتحقق المعية الخاصة.
)إِنْ وَلَنْ
تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ
الْمُؤْمِنِينَ([33]
وهذا
القانون الكوني فيه بيان انه إذا تحقق الإيمان وهو فعل العبد أي القوانين العقائدية
الحقة -سلطة التشريع- تحققت المعية الخاصة وهي فعل الله تعالى .
القانون الكوني
الثالث : بتحقق الصبر تتحقق المعية الخاصة
.
)وَأَطِيعُوا
اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ
وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ([34] في هذا القانون الكوني
بيان الطاعة لله ورسوله وبيان ذلك وهي وفق هذه المعادلة :
الإيمان (العقيدة الصالحة) + التقوى ( العمل
الصالح) = الطاعة الحقة ومن لوازمها الإئتلاف
والوحدة والنجاح والعدل 0 وبتحقق الإيمان
( العقيدة
الحقة ) تتحقق المعية الخاصة في قانونها الكوني0 وبتحقق التقوى ( العمل الصالح )
تتحقق المعية الخاصة
وتقابلها
معادلة الطاعة الباطلة من باب التقابل الإجرائي حيث إن:
العصيان ( العقيدة
الفاسد) + الفجور ( العمل الفاسد ) = الطاعة الباطلة ومن لوازمها الفشل والتنازع والتناحر والفرقة
والعوج.
من هنا
نفهم ان هذا القانون الكوني يريد بيان هذا الأمر وهو عند تحقق الصبر تتحقق المعية الخاصة.
وتحقق الصبر فيه تحقق الإيمان وتحقق التقوى كونها معادلة الطاعة, لذا فالصبر مفتاح
الطاعة 0
مخطط
مقامات الصبر القرآنية

مخطط رقم (3)
الرؤية
الثالثة
الحظ
في القرآن الكريم وفيها نظرات
v النظرة
الأولى : قانون كوني الحظ مقام من مقامات الإرث
v النظرة
الثانية : الحظ مقام من مقامات الدنيا
v النظرة
الثالثة : الحظ مقام من مقامات الحكمة
الرؤيا
الثالثة
الحظ
في القران الكريم
في هذه الرؤية نبصر حقيقة الحظ القرآني باستقراء
كوني وفي نظرات هي :
النظرة
الأولى (قانون كوني)
الحظ
مقام من مقامات الإرث
في هذا
القانون الكوني بيان من إن الحظ مقام من مقامات التركة والإرث والملكية بوجهيها التركة
والإرث والملكية الشخصية كإرث المتوفى, والإرث والملكية العامة كوراثة العلم
والمعرفة والرسالة كمقام الحسين (عليه السلام) كما في زيارة وارث (السلام عليك ياوارث
آدم صفوة الله...) فهذه وراثة الآدمية الكاملة
ولا يرثها إلا الإنسان الكامل .
وعلينا أن
ندرك ان الحظ له مراتب طولية وله مراتب عرضية, فهناك الحظ في الله تعالى وهو ما
كان متوافقاً مع السنن الكونية والتشريعية الإلهية, وهناك في غير الله تعالى وهو ما كان مفترقا عن السنن الكونية والتشريعية
الإلهية. فنفس حظ الإرث مثلا ان كان وفقا للموازين الشرعية فهو متفق بالتالي مع
السنن الكونية ,وإن كان مخالفا للموازين الشرعية فهو مفترق بالتالي مع السنن
الكونية , وهكذا باقي المراتب الأخرى من الحظ والتي نأتي على شرحها إن شاء الله
تعالى . وبكلمة أخرى الحظ في جميع مراتبه على نحوين:
أ _ الحظ
الروحي: وهو الحظ المتفق مع الصفات الذاتية لآدم -فعل الله تعالى- فما من صفة
ذاتية لآدم ألا وهي صفة فعلية لله سبحانه.
ب_ الحظ
النفسي:وهو الحظ المتفق مع صفات النفس الامارة بالسوء والمفترق عن الصفات الروحية لآدم
.فالحظ الروحي حظ أولي والحظ النفسي حظ ثانوي, وما كان إلا لضيق محل الحظ الروحي .
إذن كل مرتبة من مراتب الحظ لها هذان البعدان : البعد الروحي والبعد النفسي.
النظرة
الثانية (قانون كوني)
الحظ مقام
من مقامات الدنيا
)فَخَرَجَ عَلَى
قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا
لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ([36]
في هذا القانون الكوني بيان ان الحظ العظيم له لحاظان :
الأول :
الحظ بلحاظ الحياة الدنيا, وله خمس دوائر وهي: اللعب واللهو والزينة والتفاخر والتكاثر,
فقارون كان على الزينة الدنيوية, وهذا ما تمناه
أهل الدنيا وحسبوا هذا حظا دنيويا عظيما, بينما كلها في الآخرة في حضيض الآخرة وهي سبع نيران, وقد استقرأها القرآن في قوانينها الكونية
0
الثاني :
الحظ بلحاظ الحياة الأخروية وله ثمانية
منازل وهي واقع الجنان الثمانية, وأعظم
حظ فيها هو عليين وقد استقراها القران في قوانينها الكونية 0
ثم إن نفس
الحظ المادي إذا صيره العبد بالصيرورات الروحية أصبح حظا أخرويا فالمال إن أريد به
وجه الدنيا أصبح من حظوظها وحظوظها زائلة لا محالة كونها متفقة مع الأسماء السوئية
للنفس الأمارة بالسوء ونحن نعلم -كما تقدم في بحوثنا السابقة – إن النفس الأمارة
بالسوء :
أ- خلق
عرضي ثانوي
ب- أجلها
إلى الوقت المعلوم, أي عالم الطبيعة. فينتهي الحط المادي بإنتها, عالم الطبيعة لهؤلاء .أما إذا أراد العبد
بالمال وجه الله تعالى أصبح من حظوظ الآخرة وحظوظ الآخرة باقية لا محالة ,كونها
متفقة مع الأسماء الحسنى للروح .
ونحن نعلم كما تقدم في بحوثنا السابقة كذلك – إن الروح أسماء الله الحسنى :
أ- خلق ذاتي أولي
ب- أجلها مرتبط بأجل الله تعالى, فهي إلى يوم الدين أي عالم الآخرة.
ولذا نجد ان الشيطان طلب الأنظار إلى يوم الدين, فخاطبه الحق سبحانه كلا بل
هو إلى الوقت المعلوم -عالم المادة والطبيعة- لأن الأنظار الشيطاني في واقعه لا
يمثل السنن الكونية الإلهية ,فهو غير متفق معها بخلاف الإمام الحجة (عجل الله فرجه) فإن إنظاره ذاتي متفق مع السنن الإلهية, لذا
كانت له الوراثة الإلهية.
النظرة
الثالثة (قانون كوني)
الحظ مقام من مقامات الحكمة
وهذا القانون
الكوني في الآية موضوع بحثنا هذا وقد اشرنا لكل
جزئياته بحقائقها القرآنية في بحثٍ مستقل .
)وَمَا
يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ
عَظِيمٍ([37] والقانون الكوني الآخر.
)وَقَالَ
الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ
صَالِحاً وَلا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ([38] وفيهما
بيان إن الحظ بكل مراتبه هو مقام من
مقامات العلم والمعرفة .
فان ثواب
الله خير يدل على الحكمة, لان الحكمة مفتاح الخير الكثير ووجه كون الخير كثيراً لانه ليس من متاع
الدنيا فمتاعها قليل بل هو متاع الآخرة, ومتاع الآخرة طويل.
فالحكمة
ميزان, ولكل ميزان كفتان, وكفتا ميزان الحكمة :
كفة
المعيار –المعرفة- فهي أنباء الغيب المقيد
غيب السموات والأرض وأطلق عليه بالوجود وكذلك بالطاقة0 وكفة المكيال العلم فهو أخبار الشهادة الغيب المحدد للعيان بعد أن
كان مقيدا بقيد الإمكان
وأطلق عليه
بالماهية وكذلك المادة, فالمعرفة باطن العلم, والعلم ظاهر المعرفة .وقد فصلنا
وأطلنا الحديث في هذا الموضوع في كتابنا الحجة في معرفة الحجة[39]
فليراجع من يشاء.
مخطط رقم (4)
ميزان الحكمة

مخطط رقم (5) مقامات الحظ

الرؤية
الرابعة
وفيها
ثلاثة عشر نظرة :
v النظرة
الأولى قانون كوني عظمة الخلق .
v النظرة
الثانية قانون كوني عظمة النبأ .
v النظرة
الثالثة قانون كوني عظمة العذاب .
v النظرة
الرابعة قانون كوني عظمة البلاء .
v النظرة
الخامسة قانون كوني عظمة الفضل .
v النظرة
السادسة قانون كوني عظمة الاجر .
v النظرة
السابعة قانون كوني عظمة الكيد .
v النظرة
الثامنة قانون كوني عظمة الساعة .
v النظرة
التاسعة قانون كوني عظمة الحقيقة .
v النظرة
العاشرة قانون كوني عظمة العرش .
v النظرة
الحادية عشر قانون كوني عظمة التوحيد.
v النظرة
الثانية عشر قانون كوني عظمة الذبيح .
v النظرة
الثالثة عشر قانون كوني عظمة القسم .
الرؤية الرابعة
العظمة
في القران الكريم
وحتى تكون
الرؤية واضحة المعالم فاننا نوظفها في نظرات نقتبس فيها نورا من حقيقة العظمة :-
النظرة
الأولى (قانون كوني)
عظمة
الخُلُق
)وَإِنَّكَ
لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ([40] في هذا
القانون الكوني بيان استقراء العظمة الكونية للخُلُق, والسؤال الافتراضي أين تكمن
معالم العظمة في الخُلُق؟
وللجواب
على ذلك نقول:
إن الخُلُق
هو كليات الفعل والتي تتجلى بها كليات الذات والذات هي واقع الخلق. والخلق هو فعل
الله تعالى, وفعل الله تعالى هو صفاته
الفعلية والتي هي ذات كل شيء بدءا من الرحمن إلى الصبور(99) كلية فعلية أحصاها
الله تعالى إحصائا حضوريا تمليكيا في كل ذات كل وفق قدرها التكويني –الخلق-. فكانت
هي القابلية الذاتية والتي تتجلى على نحو الفاعلية وهي الخُلُق في مرتبة فعل العبد
فعظمة الفرد وعظمة الأمة تتأتى من عظمة النظام الأخلاقي الفعلي. لذا نعت الله
تعالى رسوله محمداً (صلوات الله عليه وآله) بأنه على خلق عظيم فبما ان محمداً فرد
وبما ان محمداً امة فهو عظيم بأخلاقه. فمهما كان الادعاء بالعظمة فيقال إن مثل هذا
الفرد عظيم وتلك الدولة أو الأمة عظمى, فأنها إن لم تكن على خلق عظيم فهي أفراد وأمم
مذمومة مدحورة فالخلق الذميم يخلق أفراد وأمماً
ذميمة, وقد نراها عند أهل ادعاء العظمة استكبارا واستهتاراً, فالعظمة لا تقاس
بمقياس العلم والتطور, فان العلم إذا لم
يرافقه الحلم والحزم يكون جهلاً؛ لانه علم شرير ومدمر.
المشكلة والقضية الأم كامنة في السير الفعلي إلى
الذات؛ لان معرفة الذات دليل على معرفة ربها. كون الذات محل ترتيل التربية. فمن
عرف نفسه فقد عرف ربه. القضية هي ان المعصوم عنده الصفات الفعلية متساوية في السير الفعلي. فهناك 99 صفة بنسبة 60% مثلاً فيكون معصوما بهذه النسبة من العصمة, وهكذا فمنهم
من عصمته10% ومنهم من عصمته90% أما عصمة
محمد وال محمد (صلوات الله عليهم أجمعين) فهي 100% . أما الكلام تحت العصمة فان محارير
الخلق أل 99 متفاوتة فمثلا تجد ان الرحمة 90% والجبارية10% عندها لن يكون صاحبها حازما في الحق فتأخذه
الخواطر والمحسوبية والرأفة والشفقة على حساب الحق أو بالعكس, فالجبارية مثلاً
عنده 90% والرحمة 10% فيكون صاحب غضب وفورة وعصبية, لا يصحو منها إلا
والندم يتحرك عنده. وبكلمة أخرى فإن واقع الخُلق الإلهي إنما هي ذوات الأشياء ,
فخلق الله تعالى هو ذات كل شيء , وذات كل شيء هي الصفات الفعلية لله سبحانه, إذن
فعل الله تعالى هو خلقه . يبقى سير الإنسان نحو ذاته -خلق الله تعالى- كونها عيبة
التربية الإلهية . فان وصوله إلى ذاته هو وصوله إلى الخلق العظيم. إن الأنبياء
والأوصياء (عليهم السلام) يتفاوتون في ذلك السير الفعلي نحو الذات ,والكلام هنا
فوق خط العصمة فنجد نبيا عصمته 60% مثلاً ما فوق خط العصمة, ومعنى هذه النسبة
تساوي الأسماء الحسنى عنده بصورة متكافئة في مرتبة الفعل. فنجد إن الرحمة مثلا 60%
والجبارية 60% وهكذا باقي الأسماء.... .
مخطط الصفات التامة الاتصاف
مخطط رقم (6) الصفات المتفاوتة الاتصاف

مخطط رقم 7

النظرة
الثانية (قانون كوني)
عظمة
النبأ
)قُلْ
هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ([41] إن النبأ
في القران الكريم له بحثه الواسع والذي نتناوله في محله إنشاء الله تعالى إلا إننا
هنا نبحث عن العظمة في القران ومن جملة لحاظاتها هو عظمة النبأ .
إن حقيقة النبأ
هو معالم الغيب, أما الأخبار المعلومة منه فهي شهادة. وقد بينها هذا القانون الكوني )لِكُلِّ نَبَأٍ
مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ([42]
فالأنباء هي القوانين التي تجري لمستقرعالم
الغيب والشهادة, كونها ثابتة وحتمية ولكنها محكومة بحكم التسويف العلمي, فالنبأ هو
المعرفة التي ما ان تظهر من مسالك غيوبها إلى
الشهادة حتى تصبح علما, وقد بينت القوانين
الكونية التي استقراءها لنا القران كيف إن الله تعالى أجري هذه القوانين الحتمية على الأمم والأنبياء التي قبل الرسول الأكرم(صلى الله
عليه وآله), وأخذ القران يبين للرسوله الاكرم (محمد) صلوات الله عليه واله هذه
الاستقراءات لانباء الأنبياء ونبواتهم والأنباء التي صارت لأممهم شهادة عينية
ومنها:
)وَاتْلُ
عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ([43] )ذَلِكَ مِنْ
أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ([44] )وَكُلّاً نَقُصُّ
عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي
هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ([45] )كَذَلِكَ نَقُصُّ
عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً([46]
وفي هذا
القانون الكوني بيان إن الغيب من سنخ عالم الإمكان وليس خارجا عنه, ولمعرفة ذلك
نحتاج إلى هذه المقدمة حتى يكون فيها بيانا للنتائج : )ذَلِكَ
مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ([47]
إن الغيب
على ثلاث :
1. الغيب المحدد
: وهو ما كان غيبا وتحددت معالمه للشهادة فصار معلوما .
2. الغيب
المقيد :وهو ما كان مكنونا في عالم الإمكان ومقيداً بالظهور ألشهودي بالقدر الإنشائي
بحتم الأفعال, والتدبير الإحيائي بحكم الأفعال, وهذا شهود مشروط برفع قيد الإمكان
عنه في الدنيا أو بعدها من العوالم:
البرزخ والمبعث والآخرة.
3. الغيب
المؤبد : وهو ما كان خارج دائرة الإمكان وهو حقيقة الذات المقدسة فلا يشهدها أحد غيره سبحانه.
فمن هذه المقدمة نفهم ان أنباء الغيب التي يتنبأ بها الأنبياء(عليهم السلام) أهل الخصوصية
الطولية وأهل الطول الكامل التام إنما هو من الغيب المقيد فهم قد شاهدوه لارتفاع
القيود الإمكانية عنه فنبأوا به كونه معلوما عندهم فهو واقع السنن والقوانين الكونية. وعظمة النبأ
تأتي من عظمة أسراره الغيبية وأخباره وآثاره الشهودية لذا فان الله تعالى نعت نبيه
بعظيم الخلق, ونعت وليه بعظيم النبأ. وهذا السر الغيبي والخبر ألشهودي هو إمامة آل البيت(عليهم السلام) وولايتهم والتي
اختلف عليها المختلفون وقد قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (ظاهري إمامة وباطني
غيب لا يدرك)[48] . وهذا
قانون كوني أخر يعطينا بيانا للنبأ في عالم الآخرة وعالم الآخرة من الغيب المقيد. ويأتي
اليوم في عالمنا هذا أو بعده وفقا
لاستعداد العبد وتوافقه الفعلي مع قابليته الذاتية. )وَقُلِ اعْمَلُوا
فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى
عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ([49] فالأفعال
مشهودة لدى أهل الشهود حيث رفعت عنهم القيود الإمكانية للغيب, فعندهم الكون كله شهادة
فهم الشاهد والعالم لديهم مشهود, وهم الشاهد على الذوات بالاستقراء الأول (اقرأ باسم ربك الذي خلق) وهم الشهود على الأفعال بالاستقراء الثاني (اقرأ
وربك الذي علم 0000 ) تلك الأنباء التي هي
مغيبة عنا سوف نراها ونشاهدها يوم القيامة
شهودا عيانيا في ما قدمت الأنفس وأثارها, وكل هذا التقديم والآثار إنما هو أنباء
معلومة لدى الفاعل لها والمقدم لها.
النظرة
الثالثة ( قانون كوني)
عظمة
العذاب
)وَلَهُمْ عَذَابٌ
عَظِيمٌ([50] العذاب عظيم, وواقع العذاب جزاء, والجزاء لا يكون
إلا على أمرين هما: التقصير في العمل أو
عدم العمل المفروض عمله0وبما ان العذاب
منعوت بالعظمة؛ لذا فان الفعل والعمل الموصوفان بالتقصير عظيمان أيضا ؛
لانهما في تقابل إجرائي طولي وعظمة العمل تأتي من عظمة الأمر به أمرا فعليا أو
نهيا فعليا .
النظرة
الرابعة (قانون كوني)
عظمة
البلاء
)وَفِي ذَلِكُمْ
بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ( [51] في القانون الكوني بيان عظمة
البلاء وتأتي هذه العظمة من ان البلاء كمال بذاته, وهو سلم ارتقاء العبد فكلما
تقدم العبد رتبة ومقاما كماليا كان عظيما حيث إن الكمال هو حقيقة الصفات الفعلية
الكاملة والمحمودة الذات الآدمية وهي واقع العظمة وكمال السير الفعلي والعملي
للوصول إلى هذه العظمة, عندها تتحقق العظمتان:
العظمة
الذاتية :وهي موجودة بالأصل كونها فعل الله تعالى في ذات العبد.
والعظمة
الفعلية: وهي الوصول إلى هذه العظمة بسير العبودية فيصبح العبد عندها هو عظمة الله
تعالى على نحو الفعل .
النظرة الخامسة (قانون
كوني)
عظمة الفضل
)فَانْقَلَبُوا
بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ
اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ([52]
إن عظمة
الفضل في بيان هذا القانون تأتي من عظمة النعمة التي منعتهم من مس السوء, وهذه
النعمة هي نعمة العقل التام, والذي ماسس الروح فصار روحانيا إيحائيا لذا فإن تمام
النعمة العقلية حجبت عنهم مساسية النفس, لأن مساسها يجعلهم نفسانيين أهوائيين.
فهنا تقابل إجرائي فالنعمة هي واقع العقل التام والذي ماسس الروح فأصبح عقلا
إيحائيا .والنقمة هي واقع العقل الناقص والذي ماسس النفس الأمارة بالسوء فأصبح
عقلا أهوائيا. أذن فالنعمة تقابلها النقمة. والعقل إن ماسس الروح أصبح محلا لهذه
النعمة.
وإن ماسس
النفس الأمارة بالسوء أصبح محلا لتلك النقمة .
وقد قلنا
إن الأرواح قداسات ,والنفوس نجاسات, والعقول مساسات ,فإن ماسست الأرواح تقدست وإن
ماسست النفوس تنجست.
النظرة السادسة (قانون كوني)
عظمة الأجر
)وَإِنْ
تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ([53] وفي بيان هذا القانون الكوني تتبين معالم عظمة الأجر. والأجر هو ما يقابل المودة
في القربى كما في القران الكريم وهم أهل البيت (عليهم السلام) ثم إن المودة واقع
عملي وقوانين إجرائية وليست قلبية فحسب فالإيمان
من شروطها وهو دخول الإيمان بولايتهم في القلب, ثم الشرط الثاني هو التقوى,
والتقوى أمر عملي, وهي ما يقابل الفجور بالتقابل الإجرائي عرضا.) وَنَفْسٍ وَمَا
سَوَّاهَا{7} فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا([54] ولا يمكن أن نحكم على الفاجر بالفجور ما لم يكن
ظاهرا بالفعل, وكذا الأمر في التقوى فان صاحبها محكوم بظاهرها الفعلي, فالمودة = الأجر والأجر = العمل
كون لا أجر
دون عمل, إذن فالمودة = العمل لذا فعظمة الأجر من عظمة المودة لذي القربى والعمل
وفقا لقوانين ولايتهم الإلهية. ثم إن واقع تلك
المودة
الروحية لذي القربى هو السير الانفسي والآفاقي لإستقراء خصائص السنن الكونية وفقا
لموازين استنساخ الحكمة الإلهية في الماهيات المترتلة من واقع الوجود أو قل من
الغيب المتنــزل إلى واقع الشهود, فقد دلت الزيارة الجامعة على ان (أنفسهم في
النفوس وأرواحهم في الأرواح....)[55]
النظرة السابعة (قانون كوني)
عظمة الكيد
)فَلَمَّا رَأى
قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ
عَظِيمٌ([56] في هذا
القانون الكوني بيان لواقع أخر منعوت بالعظمة أيضا الا وهو كيد النساء. وهذه
العظمة تأتي من عظيم الجرم والتعدي على حدود الله
تعالى, وبما ان الحدود ألإلهية والسنن الكونية ثابتة لا تغيير فيها ولا تحويل
لذا فان أي انحرف في السير الأخلاقي ينتج منه افتراق الفعل عن الذات, عندها تكون
السنن الأخلاقية مفترقة عن السنن الكونية. وهذه هي المصيبة الكبرى والتي من آثارها
تلك الحوادث الطبيعية والكونية وغيرها من الاختلافات في النظم الأخلاقية الباعثة
والداعية تكوينا على الاختلافات في النظم الأفلاكية
والأملاكية .
النظرة الثامنة (قانون كوني)
عظمة الساعة
وفي بيان أخر
للعظمة نجد في هذا القانون الكوني بيان عظمة الساعة والساعة في حقيقتها هو انتهاء عالم الإحياء -عالم
المادة والطبيعة- والتحاقه بعالم الإنشاء عالم النور والطاقة والمثل العليا.
والساعة الصغرى هي قيام دولة محمد وآل محمد (صلوات الله عليهم أجمعين) وهي آخر الدول,
فكل الدول الإحيائية جولة ودولة آل محمد دولة فعظمة الساعة بعظمة الحدث والظهور للتربية
الإلهية -ظهور الأسماء- وهي واقع الذات الآدمية فهي حقيقة التربية الإلهية, والتي
هي من اشراط الساعة والتي عبر عنها باتقوا ربكم, حيث التحذير من التربية الشيطانية
الفاجرة والتي تكون من علامات قيام الساعة. فالظهور الكريم من أشراط الساعة, أما
ظهور الشيطان بتربيته النفسية فهو من علاماتها .
النظرة التاسعة (قانون كوني)
عظمة الحقيقة
)وَلَوْلا إِذْ
سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا
بُهْتَانٌ عَظِيمٌ([58]
وهذا بيان آخر لمعالم العظمة والذي نراه في بيان هذا القانون الكوني ألا وهو عظمة البهتان, وتأتي هذه العظمة من
عظمة الحقيقة, والتي تقابلها تقابلا إجرائيا عرضيا, فالحقيقة عظيمة في معالمها وفي
مقاماتها وفي جميع رتبها, فهي مترتبة أعظم
فأعظم, لذا فالمقابل لها بالتقابل الإجرائي عرضا يكون عظيما في تخصصه كذلك 0
إلا ان
عظمة الحقيقة من عظمة التربية الإلهية , أما عظمة البهتان فهي من عظمة التربية
الشيطانية , والتي هي في واقعها سراب يحسبه الظمآن ماءا حتى إذا أتاه لم يجده
شيئا...
النظرة العاشرة (قانون كوني)
عظمة العرش
)إِنِّي وَجَدْتُ
امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ([59] وفي هذا
القانون الكوني بيان عظمة العرش, وتأتي هذه العظمة من ان العرش هو قانون الدولة-دولة
عالم الإمكان- وسلطتها التشريعية بوجه عام, وأما الكرسي فهو السلطة القضائية
والسلطة الإجرائية. وقد رأى الهدهد ان الملك والإيتاء من كل شيء إنما هو ملك دنيوي
وليس له عظمة, وإنما العظمة في انتظام دولتها وحكومتها وملكها بالنظم التشريعية
والقضائية والإجرائية وهذا هو سر امتلاكها لهم 0
أما الملك
العظيم والعرش العظيم إنما هو عرش وملك
سليمان (عليه السلام)؛ لذا قابل إيتاءها بما أوتيت من كل شيء بالإيتاء التصرفي فحتى
في ملكها وعرشها لهم حق أولوية التصرف الكوني والشرعي بما تملك وما تعرش؛ لانهم هم واقعاً أهل الملك
الحق والعرش الحق فهم حكومة الله تعالى .وحقيقة
العرش الإلهي هو أسمائه الحسنى والتي علمها لآدم تعليما حضوريا أو قل حقيقة النفخة-
الروح- .
أما الكرسي فهو العقل لانه الحامل لهذه الأسماء؛
على تفصيل ذكرناه في كتابنا (يوسف الصديق والرؤية البرهانية) وكذلك (نفحات اللقاء
مع فاطمة الزهراء) (عليها السلام) فراجع إن شئت.
النظرة الحادية عشر (قانون كوني)
عظمة التوحيد
)وَإِذْ قَالَ
لُقْمَانُ لاِبْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ
الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ([60]
هذا
القانون الكوني فيه بيان عظمة التوحيد وندركه من منطلق قاعدة التقابل الإجرائي
طولا وعرضا.
فأما طولا
فما يقابل التوحيد هو القسط, فالقسط بطول التوحيد إجرائيا وأما ما يقابل العمل فهو العدل, فالعدل بطول
العمل إجرائيا وفقا لقانونه الكوني )الْحَمْدُ
لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا(
[61]وأما الشرك فما يقابله هو الظلم تقابلا إجرائيا طوليا فالظلم بطول
الشرك, أما العمل به فيقابله الجور تقابلا طوليا, فالجور بطول العمل وفقا لقانونها
الكوني )الَّذِينَ
يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُمْ بِالْآخِرَةِ
كَافِرُونَ([62] أما
التقابل بالعرض فالتوحيد يقابل الشرك تقابلا بالعرض لذا فما بطولهما يتقابل تقابلا
إجرائيا عرضيا, فالقسط يقابل الظلم0فالعمل بالتوحيد يقابله العمل بالشرك تقابلا
عرضيا وبطولهما يتقابل العدل والجور
تقابلا عرضيا. فالشيطان يسعى لتوسيع دولته
الشيطانية حتى يملأها ظلما وجورا, ويظهر الإمام (عجل الله فرجه) ليملأ دولته
الرحمانية قسطا وعدلا كما ملأها الشيطان ظلما وجورا . فيتحقق نظام التقابل الإجرائي طولا وعرضا 0وبكلمة أخرى
إن القسط امتداد التوحيد, أما العمل فهو امتداد العدل, وهذا معنى التقابل الطولي
للتوحيد والعدل . أما الظلم فهو امتداد للشرك, والعمل امتداد للجور,وهذا معنى
التقابل الطولي للشرك والظلم, والتوحيد يقابل الشرك وهذا معنى التقابل العرضي
بينهما , أما العدل فيقابله الجور, وهذا معنى التقابل العرضي بينهما كذلك. فالشيطان
يسعى لتوسيع دائرة الظلم والجور لتحقيق كلية الشرك أما الإمام (عجل الله فرجه)
فيسعى لتحقيق القسط والعدل لتحقيق كلية التوحيد ) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ
الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ(
[63]وهذا يعني ظهور التربية الإلهية المطلقة ,وسقوط التربية الشيطانية لان
الانظار إنما كان للوقت المعلوم وهو مرهون بانتهاء عالم المادة والطبيعة
النظرة الثانية عشر (قانون كوني)
عظمة الذبيح
وهذا قانون
كوني يعطينا بعدا آخر للعظمة في معالمها ألا وهي عظمة الذبيح, والأسئلة الافتراضية
التي هنا نتساءل بها حتى نهتدي إلى الحقيقة
هل هناك
معنى عظيم لثبات بناء بيت الله استحق ثباته بذبح نبي أو ولي ؟
وهل هناك ذبح
عظيم في فداءه أعظم من إسماعيلB؟ أم ان إسماعيل أعظم ؟
أقول إن إسماعيلB
نبي وولي عظيم بعظمة الخصائص
الإلهية التي تخصص بها بعمومية العرض ألتكليفي وبخصوصيته الطولية فلا أعظم منه إلا من كان عاما في خصائصه في
العرض والطول وهذه خصائص الخاتم المنعوت بالخلق العظيم.
وقد ذكر الخاتم صلوات الله عليه واله الذبح
العظيم بروايات كثيرة حيث أشار إلى قضية الحسين B بروايات بيانية وعيانية فالذبح العظيم الذي فدى به إسماعيل
حتى يثبت به بناء البيت الإلهي بناءا
ماديا ومعنويا هو الحسين B. فإسماعيلB في خصائصه الإلهية سواء في جانب الطول أو العرض إنما هو جزء من
كلية الخصائص الإلهية وهي حقيقة الإمام الحسينB.
النظرة الثالثة عشر (قانون كوني)
عظمة القسم
في هذا القانون
الكوني يصرح سبحانه بالقسم, وعظمة القسم هذه تأتي من عظمة المقسم به فأن الكتاب
الكوني كله أو بعضه عظيم أو أي آية من آياته فكل شيء منه عظيم؛ لانها الخلق
الإلهية والسنن الكونية العظيمة في مجراها
لمستقر فلا تبديل فيها ولا تحويل 0
مخطط رقم 9
الرؤية الخامسة

الخلاصة
في ما سبق
من البحث بنينا البنيان المرصوص حيث بينا كل مواد البناء ووظفناها بوظائفها والأن نصل إلى السقف0
فالسقف من
مهمات الخلاصة وحتى لا يخر علينا السقف من فوق
نسلسله بنقاط نلتمس فيها روح البيان وصدق العيان
1.التلقي والإلقاء له وجوه :
الوجه
الأول :
تلقي المعصوم : والعصمة هي برزخ فيه بيان الفعل الأبيض الروحي من الفعل الأسود.
فتارة يكون الكلام فوق خط العصمة وأخرى
يكون تحت خط العصمة.
ثم إن
الأنبياء والرسل والأولياء (عليهم السلام) لكل منهم عصمته التي تليق بسلوكه العملي, والعصمة في واقعها هي تكافؤ
الصفات الفعلية تكافؤا فعليا لكن كل بقدره
الفعلي وسيره من صفاته الفعلية إلى صفاته الذاتية.
فالإلقاء الشيطاني
عندما يلقى في أمنياتهم فان استعدادهم الروحي, وهو واقع عصمتهم الذي أيدهم الله
تعالى به ينسخ ما يلقي الشيطان ويؤيدون بالإلقاء الرحماني اللدني الروحي؛
لوجود القابل لتلقي الفيض الرحماني ونسخ التلقي الشيطاني 0
هذا
بالنسبة لأهل الرتب المتعددة والمتدرجة في العصمة من 1% ما فوق خط العصمة إلى 99% . أما بالنسبة إلى النبي
العام فهو خاتم الأنبياء, والولي العام وهو خاتم الأولياء, فلديه القابل الكامل
والتام لتلقي الفيض الرحماني ولا تلقي
شيطاني في أمنيته لذا فهو معصوم بنسبة العصمة الكاملة التامة 100% .
لذلك نجد ان
الشيطان قد استثناهم من الإغواء كل وفق نسبته
بالعصمة. ووعد الجميع بان يغويهم ويفرقهم عن الحكومة الإلهية بكل
مراتبها 0
الوجه
الثاني :
تلقي غير المعصوم : والكلام هنا تحت خط العصمة,
وفيه جهتان طوليتان وجهتان عرضيتان :
أما الجهتان
الطوليتان :
الجهة الطولية
الأولى : إن الإلقاء والتلقي الرحماني يشمل من هم في دائرة الاستثناء من مدار السوء (إلا ما رحم ربي)
والسؤ محله النفس الأمارة بالسوء فكلها سوء إلا ما رحم ربي. بمعنى إلا من رحم نفسه
بالتربية الإلهية وهي قوانين الله التشريعية والقضائية والإجرائية وحقيقة الرحمة هي ولاية محمد وال محمد (صلوات
الله عليهم أجمعين) وفق قانونها الكوني )وَمَا
أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ([66]
الجهة الطولية
الثانية : إن الإلقاء والتلقي الشيطاني يشمل من هم في دائرة السوء النفسي التي
سلكها المجرمون بالسلوك الفعلي فصار هذا الإلقاء الشيطاني فتنة لقلوبهم المريضة 0
الجهة العرضية
الأولى : أهل الإلقاء الرحماني لديهم بيان الاستعداد الروحي كالعرفاء بالخير, والعقلي الإيحائي
كالعلماء بالخير, لتلقي الفيض المعرفي
الحسن أو العلمي الإيحائي الروحي الإلهي 0
الجهة
العرضية الثانية : أهل الإلقاء الشيطاني لديهم بيان الاستعداد النفسي كالعرفاء بالشر, والعقلي الاهوائي كالعلماء
بالشر, لتلقي النفث المعرفي السيء أو
العلمي الاهوائي النفسي الشيطاني.
الوجه
الثالث :
بالنسبة لمن تحت خط العصمة, فالرحمن يلقي في أمنياتهم
الأخروية بسلطان الروح الآمرة بأمر ربها,
والشيطان يلقي في أمنياتهم الدنيوية بسلطان النفس الأمارة بالسوء .
وكل من
السلطانين السلطان الروحي الرحماني, والسلطان الشيطاني النفسي يجريان لمستقر, ولا سلطان لهما على دار
الاختيار, وهو سلطان العقل, فهذا السلطان بيد العبد وتحت إرادته. فإن اختار ما يلقي
الرحمن من نفحات روحية ملكوتية يكون بها وباختياره عالم رباني, أو ما يلقي الرحمن
من نفحات عقلية إيحائية ملكية يكون بها وبسلطان
اختياره عابر سبيل نجاة 0أما ما يلقي الشيطان من نفثات نفسية عقدية فأن
يكون بها وبسلطان اختياره عالم شيطاني, أو ما يلقي الشيطان من نفثات عقلية
أهوائية عقدية يكون بها وبسلطان اختياره
همج رعاع.
الوجه الرابع :
دوائر
العصمة بالعرض كلها كاملة وتامة فكل نبي أو رسول له رسالة تامة وكاملة بالعرض
أما من جهة
دوائر العصمة بالطول فلكل رسالة ونبوة طولها الفعلي وهي كلها دوائر طولية تكاملية,
ولها خصوصيتها الطولية, حتى دائرة محمد وآل
محمد (صلوات الله عليهم أجمعين) فهي الدائرة الكاملة بطولها وعرضها 0
مخطط رقم 10 / الالقاء والتلقي

مخطط رقم 11/ تلقي غير المعصوم

02الالقاء في القران له وجوه وقد عرفنا منها :
أولا : إلقاء السحر وهذا الإلقاء شيطاني وفق
قانونه الكوني )وَلَأُضِلَّنَّهُمْ
وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ
وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ
وَلِيّاً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُبِيناً([67] فهذا
الالقاء ليس له حقيقة كونية. ويقابله تقابلا إجرائيا الإلقاء الرحماني وهو الحقيقة
الكونية الثابتة والتي لا تغيير فيها ولا تبديل.

مخطط رقم 12
ثانيا
: إلقاء المعجزة:
وله جهتان ذاتيتان وجهتان عرضيتان:
أما الجهتان الطوليتان فهما:
1.الجهة الذاتية الأولى : المعجزة الروحية النورانية
2.أما الجهة الذاتية الثانية : المعجزة
العقلية الإيحائية المادية .
و كل
من المعجزتين الذاتيتان هما شيئان ليسا خارج
قوانين الطبيعة بل هما آمران يحصلان قبل زمانهما. فكل المعجزات لها زمنها
الملائم لها, ويستوعبها الكل وفقا لقوانينها الطبيعية فمثلا نجد ان الذرة تصبح
معجزة لو تم اكتشافها الإنساني العلمي قبل زمانها في حين نجد أن القران قد اكتشفها
من أول الدهر في استقراءاته الكونية.
هذا هو
الإعجاز النوراني. أما الإعجاز المادي فلو أتى النبي (صلوات الله عليه واله) بالقنبلة
أو الطيارة أو السيارة مثلا فتكون وقتها إعجازا ومعجزة.أما إذا كانت في زمنها
ومحلها التكويني فهي وفقا للقوانين الطبيعية
0
فالمعجزة
هي الشيء الحاصل قبل زمنه وتسلسله التكويني ووقته المعلوم, فيكون معلوما بغير وقته
وهذا سر إعجازه.
3.الجهة العرضية
الأولى المعجزة النفسية الظلماوية .
4.والجهة
العرضية الثانية : المعجزة العقلية الاهوائية المادية .
وأيضا فأن
الجهتين العرضيتين هما من سنخ علم نفسي,
والعلم النفسي يأتي من اختلاف النظام الرياضي فان أي اختلاف في معادلاته
سوف يعطي نتيجة معاكسة للخير فيتحول من العلم النافع فيكون العلم ضارا
فالعلم
دائرة كونية وصفة ذاتية لكل ذات ممكنة, ولكن لمحدودية الذوات أصبح العلم محدودا.والشيء
يحده ما بضده, ومن هنا صار العلم خيرا وشرا, والشر في العلم هو في اختلاف موازينه
ومعادلاته الرياضية, وبما إن الطبيعيات هي
دائرة إجراء والرياضيات الكونية دائرة قضاء؛ لذا فأن الطبيعيات تتغير وفقا
لمقتضى المعادلات الرياضية والتي تقضي بالقوانين الإلهية –الإلهيات- الثابتة 0
أما
القوانين المتحركة فهي تحريف القوانين الرياضية لها ويأتي من انضباط النفس بالرياضيات المنحرفة والإلهيات كالجوع والعطش. فالترويض لها يحفز إرادات الشر
عندها فتكون المعجزات البايروسكلوجية, وهذا ليس خرقا لضوابط الطبيعة وقوانينها وإنما
واقع القضية متعلقة بالسير العلمي بجهتيه
جهة العلم النافع الخير والترويض الصحيح, الذي نصل به إلى الحياة الأبدية الخالدة
و جهة العلم الضار الشر والترويض الفاسد
الذي يتغاير ويتصاير وفقا لترويض النفس وإراداتها التي تطرحها إلى الخارج بقبال
طرح ما في الروح من صفات محمودة إلى الخارج فيتحقق الأمران في الخارج . فللنفس إرادات
تتطلب زمنا كي يستوعبها, فان الإرادة التي تأتي مروضة بزمن لا يستوعبها إلا زمن صاحبها تكون حينها معجزه
نفسية.
فنحن بين إنظارين
:
الأول :
انظار رحماني ذاتي, ومثله الإمام المعصوم الإمام الحجة (عجل الله فرجه) لذا سمي بالمهدي
المنتظر, وكونه مصاحبا للزمان كله سمي بصاحب
الزمان, ثم ان له صلاحياته التكوينية الذاتية وسلطانه الروحي الآمر بأمر الله تعالى, كما هي الروح تتصرف بطبيعة الأبدان إصلاحا
في امة الله تعالى ودولته كي يتصرف الإمام( عجل الله فرجه) بطبيعة الإمكان 0
الثاني :
انظار شيطاني عرضي, ومثله إبليس فإنظاره ينتهي بانتهاء عالم الطبيعة المادية
والعولمة الإحيائية إلى الوقت المعلوم, وله صلاحياته التكوينية العرضية, وسلطانه
النفسي الأمار بالسوء, وكما ان النفس
تتصرف بطبيعة الأبدان شرا وبطرا وإفسادا وظلما في دولة الله وأمته كذلك يتصرف
الشيطان في عالم الإمكان . فهل قرأتم يوما إن احداً كتب بحثا ولو من جملة واحدة
عن غيبة الشيطان وغيبة النفس؟ معترضا في
ذلك على غيابهما وكيفية إدارتهما وعمرهما واتصالهما ؟ ولكن أقرؤوا فكم هي البحوث
وكذا السجال والجدال والإشكال على غيبة
المعصوم والروح وإرادتهما بالتصرف بالإمكان والأبدان!!!

مخطط رقم 13

مخطط رقم 14
ثالثا
: إلقاء الكتاب والكتاب له جهات ثلاث :
1ـ الكتاب الكوني الواقعي, وهو واقع السنن الكونية
والتي هي حقيقة كل ذات ممكنة. فهي قوانين ثابتة
لا تغيير فيها ولا تحويل وهذا ما أستقرأه الرسول الأكرم وآله الأطهار(صلوات الله
عليهم أجمعين) استقراءا كاملا وتاما, واستقرأه كذلك الأنبياء والرسل (عليهم
السلام) استقراءا جزئيا لكل منهم رتبته الاستقرائية. وهذه هي معرفة الذات والنفس الكلية
الواحدة المقدسة, ومنه أيضا حالات الشهود والحضور لبعض الأولياء والعرفاء كعفريت
من الجن والذي عنده علم من الكتاب والخضر (عليهم السلام) .
وواقع الكتاب
الكوني هو الكتاب التنـزيلي.
2 - الكتاب
المعنوي وهو السنن الأخلاقية والتي هي حقيقة كل فعل ممكن. فهي قوانين متفقة مع
السنن الكونية, لذا انتظمت بها الأفعال
فكان سيرها الأخلاقي محمودا الأتفاق الفعل مع الذات .أما الأفعال الغير متفقة مع
السنن الكونية فهي تسير سيرا أخلاقيا مذموما, فالأفعال مفترقة مع ذواتها وهذا هو الكتاب
الذي اختلف فيه وصار للفعل مساران :
الأول: سير صحيح
صالح؛ لاتفاقه مع السير الكوني الذي يجري لمستقر0 فيكون كتاب الفعل متفق مع كتاب
الذات وفقا لقانونه الكوني )فَأَمَّا
مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَأوا كِتَابِيَهْ([68]
الثاني : سير قبيح
فاسد؛ لافتراقه عن السير الكوني فصار هذا السير إلى ممر وفقا لقانونه الكوني 0)وَأَمَّا مَنْ
أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ(
[69]
والكتاب الأخلاقي هو
الكتاب التأويلي الذي أختلف فيه الإمكان اختلافا تصريفيا.
3 -الكتاب المحكي عنه باللفظ والكتابة. وهو
القران الذي بين يدي المسلمين فهو الدستور الإلهي المتفق مع السنن الكونية؛ كونه استقرا
السنن الكونية - ذوات الأشياء - وفق قانونه الكوني )اقْرَأْ
بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ([70] واستقرا
السنن الأخلاقية - أفعال الأشياء - وفقا لقانونه الكوني –)اقْرَأْ
وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ([71]
واختلف فيه
اختلافا لفظيا نتج عنه الاختلاف المعنوي التصريفي
1ـ إن تلقي
المعصوم (عليه السلام) محكوم بالحكمة التي هي فوق خط العصمة وهي على جهتين:
الأولى :
الحكمة الكاملة والتامة بطول الدهر وعرضه وهو مقام محمد وال محمد (صلوات الله
عليهم أجمعين) 0
الثانية :
الحكمة التبعيضية بالطول والكاملة بالعرض كمقام الأنبياء والرسل والأولياء 0
2ـ ان تلقي
غير المعصوم محكوم بالحكمة التي هي تحت خط العصمة وهي الحكمة الكاملة بالعرض والتبعيضية
بالطول 0 كالحكماء والعرفاء والعلماء 0
3ـ الإلقاء
الإلهي محكوم بالتعليم الإلهي تعليما حضوريا. كي تكون صفاتا ذاتية لكل شيء, وبهذه القابلية كان
تلقي المعصوم وغير المعصوم والرجل والمرأة مثل مريم وأم موسى وفاطمة الزهراء (عليهن
السلام)
ثم ان كل
شيء لديه هذه القابلية -ذات الشيء- من قبيل النحل والأنعام وما من شيء إلا وقد علم
صلاته -اتصاله العملي- وتسبيحه -عقيدته
المنـزه- والتي يوحد بها الله تعالى, ولهم بذلك الاختيار فيما يعتقدون ويعملون وليس اضطرار فمنها جائر ولو شاء لهداكم
أجمعين.
فلم يضطر الله شيئا من الأشياء اضطرارا عقائديا
أو عمليا لكنما علمهم العقائد الحقة والعمل المتفق مع صفاته الفعلية والتي هي واقع
ذاتهم, ليكون فعل الله تعالى صفات الذات
الشيئية 0
فالإلقاء
الإلهي هو حقيقة عالمنا الإنشائي بقرينة (على من يشاء) ليكون روحانيا أمرويا بأمر الله تعالى في ذات
كل شيء والسلطان الذي يتحرك به الشيء
تحركا فعليا.
4_إلقاء السحر إنما هو إلقاء شيطاني مذموم , لافتراقه
كفعل عن ذات الشيء وهو من الحظ الدنيوي ,وهذا الحظ الدنيوي عند أهل الآخرة حضيض .
فالعبد له
حظان وله حضيضان وذلك للتقابل الإجرائي. فحظ الدنيا هو واقع جنتها فالذي يحضى بحظوته الدنيوية فليس
له هناك إلا حضيض الآخرة وهو نارها. أما الآخرة فحضوتها يجتاز حضيض الدنيا؛ لانه
الممر الذي لابد منه إلى دار المستقر 0
5ـ الإلقاء
الرحماني هو الفيض الذاتي الاسمائي للشيء, وهو
الصفات الاسمائية التي ملأت أركان كل شيء, فيتفاعل بها العبد تفاعلا
اختياريا ليكون رحمانيا. روحيا أو يتفاعل بأضدادها فيكون شيطانيا نفسيا .وتفاعل
العبد إنما يكون بسلطان العقل فهو دار الاختيار لأن الروح هي دار قـرار ومستقر
والنفس هي دار ممر
فيكون روحيا رحمانيا بالتلقي الرحماني وهو
قابليته الذاتية, أو يكون نفسانيا شيطانيا بالتلقي الشيطاني وهو قابليته العرضية
6ـ إلقاء
المعجزة المعنوية النورانية أو المادية وهي من الأمور المحكومة بالحكمة إذا كانت
إلقاء رحمانيا متفقا مع الذات الشيئية(فعل
الله تعالى). أو محكومة بالظلمة إذا كانت إلقاء
شيطانيا لافتراقها عن الذات الشيئية -فعل الله تعالى- لأن الإرادات الروحية
أمرة بأمر ربها فهي إرادات رحمانية حسنى مركوزة في جبلة الشيء ارتكازا ذاتيا 0
أما الإرادات النفسية الأمارة بالسوء فهي إرادات
نقمانية سوءا وقبحى.
7ـ إلقاء الكتاب على ثلاث جهات :
الأولى : الكتاب الكوني وهو إلقاء الهي رحماني معصوم وهو
واقع الحكمة الحضورية الشهودية فهو النفس الكلية الواحدة المقدسة بالتربية
الربوبية والتي شاهدناها في عالم الإنشاء, وأقررنا بالربوبية لاتصافها بصفاتها
وتخصصها بخصائصها مع تغاير العنوان فهي النفس الواحدة ومقام صفة الرحمن ,فما من
شيء إلأ ويأتي الرحمن عبدا. فالنفس الواحدة هي كل شيء –عبدا- , وقد محضت العبودية
وبشهودها شاهدت خصائص الربوبية, فالله رب
كل شيء, فعرفت ان عنوانها هو محض العبودية وعرفت عنوان الرب إنه محض الربوبية
فالكتاب الكوني هو السنن الكونية التي لا تغيير
فيها ولا تبديل 0
الثانية : الكتاب المعنوي الأخلاقي
وهو السير وفقا للسنن الأخلاقية الثابتة فيكون محمودا لاتفاقه مع الكتاب الكوني -السنن الكونية الثابتة- أو
متحركا فيكون مذموما لافتراقه مع السنن الكونية الثابتة 0 وهذا هو السير
الأخلاقي في ذمه ومدحه ,فان كان التأويل
صحيحا كان محمودا وان كان التأويل فاسدا كان مذموما0
الثالثة : الكتاب
المحكي عنه باللفظ والكتابة وله لحاظان :
الأول : التنـزيل
وهو ثابت بقوانينه المحكي عنه باللفظ والكتابة لاتفاقه مع السنن الكونية كونه قرآنا
استقرائيا قد استقرء كل الأشياء استقراءا ذاتيا واستقراءا فعليا.
الثاني :
التأويل وهو استقراء لفظي أو كتبي لذا فهو ينحى بالتأويل اللفظي والكتبي إلى مناحي
الفعل والإجراء فيكون الأمر على نجدين :
01
التأويل الشكور : وهو الشكر العملي على ما علمه الله من علامات اتصف بها اتصافا إراديا فهو التأويل
المتفق مع التربية الذاتية.
02 التأويل الكفور : وهو الكفر العملي في ما علمه
الله تعالى من علامات اتصف بها اتصافا إراديا فهو التأويل المفترق مع التربية
الذاتية.
مخطط رقم 15

8 ـ الإلقاء في النار, وذلك الإلقاء محكوم بالذم؛ لان أهله لم يتقننوا بقانون الحكمة0
فان العلاقة
ما بين فعل العبد وجزاءه النار هي علاقة سببية قائمة على أساس السبب ونتيجته
التكوينية وفقا لما أختار العبد في سيره
الغير متفق مع السنن الكونية والتي هي واقع قوانين الحكمة الإلهية.
03
الصبر في القرآن
وقد بينا فيه ان القران أعطى للصبر مقامات
منها :
أولا : الصبر فرع الاستعانة .
ثانيا : الصبر عيبة البلاء والجزاء.
ثالثا : الصبر مفتاح لمقامات عالية.
رابعا : الصبر مقدمة الجهادين الأكبر والأصغر.
خامسا :الصبر يمحق الوهن والضعف.
سادسا :الصبر مفتاح الحكمة .
سابعا : الصبر بذاته أجر أخروي.
ثامنا :
الصبر مفتاح المعية الإلهية الخاصة .
تاسعا
: الصبر مفتاح محبة الله تعالى .
لمحات عن الصبر
مقامات
الصبر في استقراءات القران الكونية تسعة.لكن ما هو وجه العلاقة الكونية بينها ؟
الجواب :
نقول : إن وجه العلاقة بينها إن واحدة من هذه المقامات تعلقت بها الثماني الباقية
تعلقا كونيا محكما وهي إن الصبر مفتاح الحكمة. فالصبر فرع الاستعانة وهو واقع
الحكمة, لأن الاستعانة فرع الحكمة. والصبر
عيبة البلاء والجزاء وهو واقع الحكمة أيضا,
لأن الصبر والبلاء فرعا الحكمة فلم يكونا
عبثا وجزافا. ثم إن الصبر مفتاح لمقامات
كونية أربع محكمات .
المقام
الأول : الصدق والصدق حكمة, كونه مفتاح النجاة.
المقام
الثاني : القنوت وهو حكمة, كونه مفتاح الرجاء والخوف .
المقام
الثالث : الإنفاق والإنفاق حكمة, كونه مفتاح البركة والنمو والشكر.
المقام
الرابع : الاستغفار بالأسحار حكمة كونه
مفتاح الذكر والفكر. وأما الصبر فهو مفتاح
الذكر والشكر والفكر وهذه هي المقامات التي صنعت الأنبياء والأولياء
والأوصياء(عليهم السلام) 0 والصبر مقدمة الجهادين والجهادان حكمة فالجهاد الأكبر
صلاح الأنفس , وصلاح الأنفس هو مفتاح تغييرها, وتغييرها مفتاح تغيير الأفاق. أما
الجهاد الأكبر فهو تغيير الآفاق كونه مفتاح صلاح الأفاق0
الصبر يمحق
الوهن والضعف, ومحقهما حكمة ؛لانه مفتاح القوة والإرادة.
وكذلك فأن
الصبر بذاته اجر أخروي والأجر الأخروي حكمة
لان العبد في واقع الصبر قد تقنن بقوانين الحكمة, لذا استحق
ثواب قوانينها وهي الخير الكثير
الصبر
مفتاح المعية الإلهية والمعية الإلهية الخاصة حكمة لان كل لوازمها الفعلية محكومة بالخير:
كالمتقين – المؤمنين – الصابرين – المحسنين.
الصبر
مفاتح محبة الله تعالى والمحبة الإلهية حكمة لان الحكمة من إيجاد كل شيء إنما هو
المعرفة والمعرفة مبدأ الحب فالله تعالى
أحب أن يعرف فخلق 0
وقد خصصنا
بحثا أسميناه حقيقة العشق الإلهي شرحنا فيه هذا المبدأ
3.الحظ في القرآن
وفيه بيان
إن الحظ له جهات منها :
أولا : حظ
الملكية والإرث 0
ثانيا :
الحظ الدنيوي - اللعب واللهو والزينة والتفاخر والتكاثر0
ثالثا : حظ
الحكمة وهي الخير الكثير أي العلم والمعرفة .
فلو لاحظنا مقامات الحظ في القران فسوف نراها
ثلاث وهي :
أولا 0حظ
الإرث ولم ينعته القران باستقراءاته الكونية بالعظمة لان متاع الدنيا قليل 0
ثانيا : حظ
الدنيا وهذا الحظ منعوت بالعظمة عند أهل الدنيا ومحبيها أما هو عند أهل الآخرة
حضيض ومذموم .
ثالثا : حظ
الحكمة وكفتاها المعرفة والعلم, وهذا الحظ
نعته القران باستقراءاته الكونية بأنه الخير الكثير فهو يقابل متاع الدنيا القليل تقابلا إجرائيا.
إذن حظ
الحكمة هو الخير الكثير, فحظ الإرث يكون في حضيض الا إذا ما تقنن بقوانين حظ
الحكمة. وحظ الدنيا إنما صار حضيضا كونه يتقنن
بقوانين الحكمة 0
4.العظمة
في القرآن
وأيضا
للعظمة جهات منها:
أولا :
عظمة الخلق.
ثانيا :
عظمة النبأ .
ثالثا
: عظمة العذاب.
رابعا
: عظمة البلاء.
خامسا :
عظمة الفضل.
سادسا عظمة
الأجر.
سابعا
: عظمة الكيد النسائي.
ثامنا :
عظمة الساعة .
تاسعا
: عظمة الحقيقة .
عاشرا
: عظمة العرش.
الحادي عشر
: عظمة التوحيد .
الثاني عشر
: عظمة الذبيح .
الثالث عشر
: عظمة القسم.
لمحات حول العظمة
في مقامات
العظمة يوجد ترابط مع مقامات عظمة الحظ من جهة وترابط فيما بينها من جهة أخرى 0
فعظمة
الخلق دليل على الحظ العظيم لأنها باب
التعليم الإلهي.
أما النبـأ
ففي عظمته سر الغيب, فقد قال أمير
المؤمنين (عليه السلام) (ظاهري إمامة وباطني غيب لا يدرك)[72]
فإدراك أسرار الغيب تدل على معرفته معرفة
حضورية وشهودية 0
وهذا هو
الخلق الرفيع من جهة. أما العظمة في الحظ
فهو عظمة النبأ الذي نبأ به النبي فأعظم الإنباء هو ولاية أهل البيت (عليهم الصلاة
والسلام) وهذا هو الحظ العظيم الذي هم فيه مختلفون .فلو اتفقت الأمة على ولايتهم
لكانت بذلك ذات حظ عظيم . أما عظمة العذاب
فهي بما يقابله من عمل الدنيا الغير متفق
مع الخلق العظيم فلما تخلق العبد بالخلق الذميم استحق بذلك العذاب العظيم وهذا من
حضيض الآخرة0 أما عظمة البلاء فهو من أصل
الخلق العظيم, وأما الفضل الإلهي فهو حظ
عظيم وأما الأجر فلايلقاها إلا ذو حظ عظيم
وأما كيد النساء فهو عظيم بعظمة الدنيا أما هو في الآخرة ذميم وعند
أهلها بمقام الحضيض 0
وأما عظمة الساعة فهي الخلق العظيم أولنا محمد
وأوسطنا محمد وأخرنا محمد .فالساعة هي ظهور دولة الإمام الحجة (عجل الله فرجه )0
وأما عظمة الحقيقة فما يقابلها بالتقابل الإجرائي هو البهتان العظيم والبهتان
من الخلق الذميم وأما عظمته فإنما هي دنيوية أما في الآخرة فهي من الحضيض. أما
الحقيقة فهي في كل العوالم ثابتة فلا تغيير فيها ولا تحويل 0
وأما عظمة
التوحيد فالتوحيد هو مبدأ الفيض والعظمة والخلق والنبأ والفضل والأجر والساعة
والذبيح والقسم ,أما العذاب وكيد النساء فهي من الكثرة التي تقابل التوحيد تقابلا
اجرائيا0أما عظمة الذبح فأنها تأتي من
عظمة المذبوح ولم تستقرا لنا الرواية ولا
الآية أعظم من ذبح الحسين عليه السلام 0 أما عظمة القسم فإنها تأتي من عظمة المقسم
به والله تعالى يقسم بكل آياته في الأنفس والآفاق )فَلَا
أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ{38} وَمَا لَا تُبْصِرُونَ([73] 0 وهذا
مخطط تفصيلي للآية التي كانت موضوع بحثنا
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد كمال الدين وآل
بيته تمام النعمة الطيبين الطاهرين.

الفهرس
الموضوع
|
رقم الصفحة
|
الرؤية الأولى: التلقي والالقاء في القرآن الكريم..........................
|
7
|
النظرة الأولى: القانون الكوني/ في تلقي المعصوم.........................
|
8
|
النظرة الثانية: القانون الكوني/ في تلقي غير المعصوم.....................
|
13
|
النظرة الثالثة: القانون الكوني/ في الالقاء الالهي.........................
|
14
|
النظرة الرابعة: القانون الكوني/ في القاء السحر.........................
|
17
|
النظرة الخامسة: القانون الكوني/ في الالقاء الرحماني.....................
|
19
|
النظرة السادسة: القانون الكوني/ في القاء المعجزات
النورانية............
|
20
|
النظرة السابعة: القانون الكوني/ في القاء الكتاب.......................
|
23
|
النظرة الثامنة: القانون الكوني/ في القاء المعجزات
المادية.................
|
24
|
النظرة التاسعة: القانون الكوني/ في الالقاء في النار......................
|
25
|
الرؤية الثانية: الصبر ومقاماته في القرآن الكريم.........................
|
27
|
النظرة الأولى: قانون كوني/ الصبر فرع الاستعانة.......................
|
28
|
النظرة الثانية: قانون كوني/ الصبر عيبة البلاء والجزاء...................
|
31
|
النظرة الثالثة: قانون كوني/ الصبر مفتاح لأربع مقامات.................
|
34
|
النظرة الرابعة: قانون كوني/ الصبر مقدمة الجهادين الاكبر
والاصغر......
|
36
|
النظرة الخامسة: قانون كوني/ الصبر يمحق الوهن والضعف..............
|
38
|
النظرة السادسة: قانون كوني/ الصبر مفتاح محبة الله تعالى...............
|
40
|
النظرة السابعة: قانون كوني/ الصبح مفتاح الحكمة.....................
|
42
|
النظرة الثامنة: قانون كوني/ الصبر بذاته اجر أخروي...................
|
43
|
النظرة التاسعة: قانون كوني/ الصبر مفتاح المعية الالهية..................
|
44
|
الرؤية الثالثة: الحظ في القرآن الكريم..................................
|
49
|
النظرة الأولى: قانون كوني/ الحظ مقام من مقامات الإرث...............
|
50
|
النظرة الثانية: قانون كوني/ الحظ مقام من مقامات الدنيا................
|
52
|
النظرة الثالثة: قانون كوني/ الحظ مقام من مقامات الحكمة..............
|
54
|
الرؤية الرابعة: العظمة في القرآن الكريم................................
|
59
|
النظرة الأولى: قانون كوني/ عظمة الخُلُق...............................
|
60
|
النظرة الثانية: قانون كوني/ عظمة النبأ................................
|
65
|
النظرة الثالثة: قانون كوني/ عظمة العذاب.............................
|
69
|
النظرة الرابعة: قانون كوني/ عظمة البلاء..............................
|
70
|
النظرة الخامسة: قانون كوني/ عظمة الفضل...........................
|
71
|
النظرة السادسة: قانون كوني/ عظمة الأجر............................
|
72
|
النظرة السابعة: قانون كوني/ عظمة الكيد.............................
|
74
|
النظرة الثامنة: قانون كوني/ عظمة الساعة.............................
|
75
|
النظرة التاسعة: قانون كوني/ عظمة الحقيقة............................
|
76
|
النظرة العاشرة: قانون كوني/ عظمة العرش............................
|
77
|
النظرة الحادية عشر: قانون كوني/ عظمة التوحيد......................
|
79
|
النظرة الثانية عشر: قانون كوني/ عظمة الذبيح........................
|
81
|
النظرة الثالثة عشر: قانون كوني/ عظمة القسم........................
|
82
|
الخلاصة............................................................
|
84
|
لمحات عن الصبر.....................................................
|
104
|
لمحات حول العظمة..................................................
|
108
|
الفهرس............................................................
|
111
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق