سلوكك مرآتي"،
حوار بين البدن والروح عن السلوك والنور)
عنوان الحوار: "هل أنا ما أفعله من الروح؟!"
البدن:
يا روحُ، أشعر أنني أتحرك كثيرًا… أفعل وأقول وأسير… لكنني لا أفهم لمَ أُحاسب على كل ذلك؟!
الروح:
يا بُنيّ، لستَ تُحاسب على الحركة… بل على ما تحمله النية في تلك الحركة. السلوك هو جسدك يترجم سرّي.
البدن:
لكن أحيانًا أتصرف بلا وعي، بردود فعل تلقائية… هل هذا أنا أيضًا؟
الروح:
بل هو أنت حين تغيب عني. إن فارقتني، أصبحت ردودًا لا رسائل. وإن كنتَ معي، صار سلوكك صلاة.
البدن:
وهل في سلوك الحركات نورٌ؟
الروح:
أما قرأت قوله تعالى: "اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء"؟
سلوك موسى كان أمرًا بسيطًا… لكن حين امتزج بوحي، صار نورًا.
البدن:
وهل سلوكي يُخفي نيتي أم يكشفها؟
الروح:
السلوك لا يملك أن يُخفي... هو لا إراديًا يُفصح. إن كنت صادقًا، بانت ملامح الصدق في مشيتك، وصوتك، ونظرتك.
البدن:
وإن أخطأت في سلوكي، هل يعني أنني معيب؟
الروح:
بل يعني أنك إنسان… والجميل أنك تقدر أن تعود. الخطأ بداية إصلاح، لا نهاية كرامة.
البدن:
علّمني كيف أُنمّي سلوكي ليكون طاهرًا منك؟
الروح:
ابدأ بالنية... لا تفعل شيئًا حتى تسألني: لِمَ أفعل؟
ثم افعل، كأنك تكتب كتابًا سيُقرأ عليك.
ثم راقب نفسك، دون قسوة… بل بحنان الناصح.
البدن:
هل سلوكي يبني قدري؟
الروح:
هو قدرك بالفعل. ما تسلكه من طريقٍ، هو ما تصير إليه.
السلوك ليس تفصيلةً عابرة… بل هو مركب المصير.
البدن:
أشعر أنني مُقيَّد أحيانًا بثقافةٍ أو مجتمع… ماذا أفعل؟
الروح:
لك أن تسمع من حولك، لكن لا تتركهم يسكنونك.
استشرني في كل سلوك، لأعطيك البوصلة.
البدن:
هل رأيتِ النبي؟ كيف كان سلوكه؟
الروح:
رأيته حين قال الله فيه: "وإنك لعلى خلق عظيم".
كان يمشي، فيشعّ حلمًا… ويبتسم، فيُحيي قلبًا…
لم يكن صوته مرتفعًا، لكنه كان يهزّ الجبال.
البدن:
وعليٌّ، كيف كان سلوكه؟
الروح:
كان سيفًا بيد العدالة، ويدًا تمسح رأس اليتيم بلطافة.
لا يفصل بين الجهاد والرحمة… فكلاهما عنده سلوك توحيد.
البدن:
هل يمكن أن أرتقي بكِ من خلال سلوكي؟
الروح:
إن جعلت سلوكك سلمًا إليّ، صرت نورًا متحركًا.
فأنا لا أطلب منك الكمال… بل الصدق في التدرج.
البدن:
هل أستطيع أن أغيّر تاريخي بسلوكي الجديد؟
الروح:
بل تصنع تاريخًا جديدًا. كل لحظة سلوك نقي، تُمحى بها آلاف اللحظات الغافلة.
البدن:
فيا روحي... هل أنا ما أفكر، أم ما أفعل؟
الروح:
أنت ما تُريد فعله، إن صدقت…
وما تفعله، إن راقبته…
وما تتوب منه، إن أخطأت…
البدن:
إذن دلّيني... أين أبدأ؟
الروح:
ابدأ من حيث تشعر أنك تبتعد عني… هناك تمامًا تبدأ عودتك.
البدن:
يا روح... الآن فهمت:
لستُ ما يُقال عني… بل أنا ما أفعله في حضرتك، وما أتركه لأجل الله.
الروح (بهمس):
وها قد بدأت ترتقي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق