الثلاثاء، 13 مايو 2025

 سلسلة دروس... السلوك في ضوء القرآن والروايات

العنوان
الدرس الأول:
السلوك: بين التكوين والاختيار – قراءة قرآنية ورواية تربوية
الأهداف:
1. فهم المفهوم القرآني والروائي للسلوك.

2. التمييز بين أنواع السلوك: الإرادي، اللاإرادي، الظاهر، الباطن.
3. إدراك أثر السلوك على الفرد والمجتمع.
4. اكتساب مهارات تأملية تساعد في ضبط السلوك وتزكيته.
أولاً: مدخل تمهيدي
سؤال تحفيزي:
ما الفرق بين:
رد فعلك حين يسقط أحدهم شيئًا عليك دون قصد.
وتصرفك حين يسيء إليك متعمّدًا؟
النتيجة المتوقعة: السلوك قد يكون تلقائيًا أو مدبّرًا، وقد يكون رد فعل غريزيًا أو سلوكًا أخلاقيًا نابعًا من وعي داخلي.
ثانيًا: مفهوم السلوك وأنواعه

السلوك هو كل فعل أو رد فعل يصدر عن الكائن الحي ويؤثر في محيطه أو ذاته.
قد يكون:
واعياً أو غير واعٍ.
طوعيًا أو غير طوعي.
ظاهرًا (كالكلام والحركة) أو باطنيًا (كالنية والميل).
أنواع السلوك:
السلوك الإجرائي: ناتج عن استجابة لمؤثر خارجي.
السلوك الفضولي: مدفوع برغبة داخلية في الاستكشاف والمعرفة.
السلوك المقصود والمدبَّر: ناتج عن نية وتخطيط مسبق.
ثالثًا: السلوك في القرآن الكريم
1. قوله تعالى: "اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ"
يشير إلى أن السلوك الظاهري (إدخال اليد) حين يكون مأمورًا من الله، ينتج عنه أثر تكويني (النور والكرامة).
قاعدة: الطاعة السلوكية تثمر النور الرباني.
2. قوله تعالى: "فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا" (في وصف النحل)
يظهر أن حتى الكائنات الصغرى تسلك وفق وحي إلهي، ومن هذا السلوك تنتج النعمة (العسل).
قاعدة: كل سلوك فطري منسجم مع الوحي الإلهي هو طريق للبركة.
3. السلوك في آيات الهداية والضلال
مثل: "ومن يسلك طريقًا..." أو "ومن يضلل الله فلا هادي له"، تدل على أن السلوك يحدد الاتجاه الوجودي.
قاعدة: السلوك طريق للمصير لا مجرد تصرّف وقتي.

رابعًا: السلوك في الروايات الشريفة
1. قال الإمام علي (عليه السلام):
"ثمرةُ التفكر الصلاحُ، ونتيجةُ الصلاحِ السلوكُ على الطريق الواضح."
قاعدة: الفكر الصحيح يثمر سلوكًا صالحًا ومنضبطًا.
2. قال الإمام الصادق (عليه السلام):
"المؤمنُ سلوكُه الحياء، وعنوانُه الوفاء."
قاعدة: الإيمان يتجلّى في السلوك العملي، لا في الادعاء.
3. قال النبي (صلى الله عليه وآله):
"لا ينفع العلم بلا عمل، ولا العمل بلا نية."
قاعدة: السلوك لا يصح إلا بنية، ولا يكفي أن يكون ظاهرًا.

خامسًا: السلوك والهوية
السلوك مرآة النفس، وتجسيد لما نؤمن به ونفكر فيه.
يقال: "الناس يعرفونك من سلوكك قبل كلامك".
هو الطريق الذي نسلكه في الحياة، ويعكس ثقافتنا وقيمنا.
السلوك فطري أحيانًا، ومكتسَب أحيانًا أخرى، ويظهر في ردود الفعل اليومية.

سادسًا: برنامج تطبيقي
1. خريطة السلوك اليومي المطلوب: راقب يوم
2. سلوك قمت به تلقائيًا.
3. سلوك تصرّفت فيه بقصد واضح.
4. سلوك ندمت عليه.
5. سلوك تفخر به.

أسئلة تأملية:
1. ما الذي يميّز السلوك الجيد؟
2. ما أثره عليك وعلى الآخرين؟
3. كيف يمكنك تحويل النية الطيبة إلى سلوك فعّال؟
الخاتمة التأملية:
السلوك هو خلاصة ما نختاره من طرق،
فإن اخترنا طريقًا لله، سار بنا إلى النور،
وإن اخترنا غيره، كان علينا أن نتحمّل تبعاته...
"واسلك سبيل ربك... ذُلُلًا"؛
فمن سلكه بالحب، وصل.


الدرس الثاني ضمن سلسلة "القرآن والسلوك"،
الدرس الثاني: السلوك الإيماني – من النية إلى التحقق
العنوان العام
السلوك بين النية والتجلي – كيف يتحوّل الإيمان إلى فعل؟
الأهداف:
1. أن يميّز المتعلم بين النية والسلوك في المنظور القرآني.
2. أن يفهم كيف ينتقل الإيمان من باطن النفس إلى واقع العمل.
3. أن يتدرب على رصد مراحل تشكّل السلوك من الفكرة إلى التطبيق.
4. أن يتأمل في آثار السلوك الإيماني على النفس والمجتمع.

المحاور الرئيسة للدرس:
أولًا: من النية إلى السلوك
السلوك الإيماني لا يبدأ بالحركة، بل بالنية. ثم المشاعر ان الفكرة ويخلص لنا
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
"إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى."

النية هي بذرة السلوك، وهي التي تمنح الفعل قيمته في الميزان.

قاعدة: كل سلوك هو نية تمشي على قدمين.

ثانيًا: السلوك الإيماني في القرآن الكريم

1. "قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا" (الشمس: 9-10)
التزكية سلوك ناتج عن نية تطهير النفس.
2. "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ"
الإيمان يُثبت بالسلوك الصالح.
3. "إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ" (الأنعام: 162)

السلوك يشمل كل مظاهر الحياة حين يُؤسَّس على نية التوحيد.
قاعدة: السلوك الصالح هو الوجه العملي للإيمان الخالص. المؤمن يرى إيمانه  في عملك
ثالثًا: السلوك الإيماني في الروايات الشريفة

1. قال الإمام علي (عليه السلام):
"من أصلح سريرته أصلح الله علانيته"
قاعدة: السلوك العلني يتغذّى من النية الباطنية.
2. قال الإمام الصادق (عليه السلام):
"ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني، ولكن ما وقر في القلب وصدّقه العمل"
قاعدة: العمل هو البرهان الصادق للإيمان الحقيقي.
رابعًا: كيف يتحول الإيمان إلى سلوك؟
مراحل تكوّن السلوك الإيماني:
1. التأمل الداخلي: هل ما أؤمن به حيّ في قلبي؟

2. النية الصادقة: لماذا أريد فعل هذا السلوك؟

3. القرار الإرادي: اختيار الفعل عن وعي.
4. الاستمرار والمجاهدة: الثبات على السلوك رغم الصعوبات.
5. المراجعة والتزكية: تقييم الأثر وتصحيح المسار.
خامسًا: برنامج تطبيقي – مفكرة التحول والتغيير

عنوان البرنامج:
"من النية إلى السلوك – جسر التطبيق"
المطلوب:
اختر قيمة إيمانية (مثل: الصبر – الصدق – العفو – التواضع)
واجب على الأسئلة:
1. ما النية التي أريد ترسيخها؟

2. كيف يمكنني التعبير عنها بسلوك عملي هذا الأسبوع؟
3. ما التحديات المحتملة؟
4. ما الأثر المتوقع عليّ وعلى من حولي؟
5. ما الذي سأقيّمه بعد 7 أيام من التجربة؟

الخاتمة التأملية:
السلوك ليس مجرّد فعل...
بل هو "نيّة مرئية"، و"إيمانٌ مجسّد".
فكن مؤمنًا لا بالقول فقط، بل بالفعل الذي يشهد لك قبل أن تتكلم عن نفسك.


ليست هناك تعليقات: