السؤال:
هل اختلاف العلماء سبب تخلف الأمة؟ وكيف نفهم قولهم: اختلاف أمتي رحمة؟الجواب :
الاختلاف الحقيقي ليس في الدين بل في المقامات، لأن الدين هو محمد (صلى الله عليه وآله) في بدايته ونهايته ووسطه — كما ورد:
«اولنا محمد، وأوسطنا محمد، وآخرنا محمد.»
١. أصل الدين واحد، وتجلّيه متنوع
الله تعالى أنزل دينًا واحدًا منذ آدم إلى محمد (صلى الله عليه وآله)، كما قال:
«إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلَامُ».
فلا يوجد "اختلاف في الدين"، لأن الدين في جوهره وجه واحد هو محمدي الوجود.
ولهذا قال الأئمة (ع):
«اولنا محمد، وأوسطنا محمد، وآخرنا محمد. بل كلنا محمد »
أي أن الدين في بدايته (النبوة)، وفي وسطه (الإمامة)، وفي غايته (الولاية) هو تجلٍّ واحد لنور محمدي، تتبدّل الأسماء والوجوه، لكن الأصل واحد.
٢. الاختلاف في الدين كفرٌ، أما الاختلاف في المكان فهو سنةُ الرحمة
سُئلوا اهل البيت (عليه السلام): فقالوا هذا المعنى
"إذا كان اختلاف علماء أمتي رحمة، فهل توافقهم نقمة؟"
فقال:
"ليس كما ذهبت، إنما الاختلاف ليس في الدين، وإنما في المكان."
أي أن الاختلاف الذي تحدّثت عنه الروايات ليس في أصل العقيدة والشريعة، بل في المقام والموقع الوجودي:
فواحد في مقام الفقه،
وآخر في مقام الحكمة،
وثالث في مقام الذوق والعرفان،
وكلٌّ منهم يتناول الدين من زاويته الخاصة. بمعنى الاختلاف بالتخصص
فكما أن الأسماء الحسنى لله متكثرة، كذلك مظاهر العلم الديني متنوّعة.
لكنها كلها تصبّ في بحرٍ واحد، هو الحقّ المحمدي.
٣. التفاوت مقاماتٌ لا تناقضات
الاختلاف في "المكان" يعني اختلاف المراتب لا اختلاف الوجهة،
كما تختلف الكواكب في المدار لكنها كلها تدور حول الشمس.
فلو أدرك العلماء ذلك، لكان اختلافهم تكاملاً في التجليات،
أما إذا غاب عنهم الأصل المحمدي الجامع، صار اختلافهم تنازعًا في الأنا. بغيا بينهم كما يشخص القران الكريم المشكلة وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم.
٤. العِلْم إن لم يُربَط بالنور المحمدي يُنتج التفرّق
العالم الذي لا يرى في علمه وجهَ محمدٍ (ص)، يجعل من الفهم ساحةَ تنافس، لا ساحةَ عبادة.
أما إذا رأى أن كل علمٍ فرعٌ من شجرة النبوة، صار علمه رحمةً لا خصومة.
فالعلماء ورثة الأنبياء، لا لأنهم يحفظون النصوص،
بل لأنهم يحملون النور المحمدي في مقاماتهم.
ومن المؤكد. اختلافهم اذا بينهم يكون سبب تفرقة الامة!!
الخلاصة:
الدين في أصله واحد، وهو محمديّ الوجود.
والاختلاف المقبول هو اختلاف المقامات لا اختلاف الأصول.
الرحمة في أن يتكامل العلماء حول النور الواحد، لا أن يتنازعوا حول الأسماء.
فمن كان محمدُهُ في قلبه، كان علمه رحمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق