الخميس، 30 أكتوبر 2025

 السؤال:

كيف تكون معرفة الله فطرية، ونحن نرى قبائل بدائية وثنية لا تعرف التوحيد؟
الجواب:
السلام عليكم حياكم الله في ميدان الجواب اقول بسم الله الرحمن الرحيم والصلاه والسلام على محمد وعلى ال محمد
أولًا: أصل الفطرة لا يعني بقاءها بلا انحراف
معرفة الله موجودة في أصل الخِلقة، كما قال تعالى:
«فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا»
لكن الإنسان قد يحجب فطرته بالجهل، أو بالبيئة، أو بالاتباع الأعمى.
فالفطرة تظل موجودة في العمق، حتى لو تراكم عليها غبار الانحراف.
ثانيًا: قوله تعالى (كان الناس أمةً واحدة فبعث الله النبيين)
الآية تشير إلى أن الناس في البداية كانوا على فطرة سليمة، ثم اختلفوا وتباينوا في طرقهم، فبعث الله الأنبياء ليعيدوا الناس إلى الصفاء الأول، إلى النور الذي في داخلهم.
فالمشكلة ليست في "غياب الفطرة"، بل في نسيانها أو تغطيتها، ولهذا سُمّي الكفر "كفرًا" أي تغطية.
ثالثًا: الناس منذ البدء ثلاثة خطوط
الخط الأول: منصف لفطرته
وهم الذين حافظوا على صفاء الحس والعقل والشعور الإنساني، فبنوا حضارات، وكانوا أوعيةً لوحي السماء.
من بينهم خرج الأنبياء والأوصياء، ولهذا قال تعالى:
«إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا...»
فاختيار آدم دليل أن هنالك مجتمعًا بشريًا فيه طيبون وخبيثون، فاختار الله من بينهم الصفوة.
الخط الثاني: المخالف لفطرته عن علم
يعرف أن فطرته سليمة، لكنه يعاندها، فيكذب ويسرق ويظلم، وهو يدرك خطأه.
هؤلاء في كل زمان، حتى بين المؤمنين، تجد من يؤمن بالله بلسانه، لكن سلوكه يخالف نور فطرته.
الخط الثالث: المختلف عن نظام الفطرة
وهو من غابت عنه البصيرة تمامًا، فصار يعيش في ظلمات الجهل، لا يميّز الحق من الباطل، فيعبد الحجر أو النار أو نفسه.
هذا النوع لا يخلو منه زمن، ولكن الله يبعث الأنبياء ليُسمع نداء الفطرة من جديد في آذانهم.
رابعًا: الفطرة تُنادي دائمًا
حتى في القبائل الوثنية، ستجد في عمقهم شعورًا بوجود قوة عليا، وإحساسًا بالرهبة من الغيب.
ذلك هو صوت الفطرة، لكنهم ضلّوا في تحديد المعبود.
فهم لم ينكروا أصل الإله، بل أخطؤوا في الطريق إليه.
خلاصة الجواب:
معرفة الله فطرية، أي مغروسة في النفس من أصل الخلق.
لكن الناس تتفاوت في الاستجابة لها:
منهم من صفا قلبه فاتصل بالفطرة،
ومنهم من غطاها بالهوى،
ومنهم من ضيّعها حتى أظلم قلبه.
والأنبياء جاؤوا لإيقاظ الفطرة لا لزرعها، فهي مزروعة منذ قال الله:
«أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ؟ قالوا بلى».



ليست هناك تعليقات: