شرح دعاء يوم السبت
نص الدعاء :
(بِسْمِ اللهِ كَلِمَةُ الْمُعْتَصِمينَ وَمَقالَةُ الْمُتَحَرِّزينَ وَاَعُوذُ بِاللهِ تَعالى مِنْ جَوْرِ الْجائِرينَ وَكَيْدِ الْحاسِدينَ وَبَغْيِ الظّالِمينَ وَاَحْمَدُهُ فَوْقَ حَمْدِ الْحامِدينَ اَللّهُمَّ اَنْتَ الْواحِدُ بِلا شَريكِ وَالْمَلِكُ بِلا تَمْليك لا تُضادُّ فى حُكْمِكَ وَلا تُنازَعُ فى مُلْكِكَ أَسْأَلُكَ اَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّد عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَاَنْ تُوزِعَنى مِنْ شُكْرِ نُعْماكَ ما تَبْلُغُ بى غايَةَ رِضاكَ وَاَنْ تُعينَنى عَلى طاعَتِكَ وَلُزُومِ عِبادَتِكَ وَاسْتِحْقاقِ مَثُوبَتِكَ بِلُطْفِ عِنايَتِكَ وَتَرْحَمَني بِصَدّى عَنْ مَعاصيكَ ما اَحْيَيْتَنى وَتُوَفِّقَنى لِما يَنْفَعُني ما اَبْقَيْتَني وَاَنْ تَشْرَحَ بِكِتابِكَ صَدْري وَتَحُطَّ بِتِلاوَتِهِ وِزْري وَتَمْنَحَنِيَ السَّلامَةَ فى دينى وَنَفْسى وَلا تُوحِشَ بى اَهْلَ اُنْسي وَتُتِمَّ اِحْسانَكَ فيما بَقِىَ مِنْ عُمْرى كَما اَحْسَنْتَ فيما مَضى مِنْهُ يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ . )
الفهم الحق لبيان معالم دعاء أهل الحق
وبعد الانتهاء من هذه المقدمة نعرج في بيان الدعاء
في أول دعاء يوم السبت ,الإمام يسلك بنا مَسلَكَين نَسلُك بِهما ,وهذين المسلكين من الأسس الغيبية التي شاهدناها0 المسلكان هما أمران سلوكيان تطبيقيان في المنظومة العملية :-
الأمر الأول :- بسم الله كلمة المعتصمين: الكلمة غير القول والكلمة تشمل كل من الإشارة والحركة والكتابة والغمز واللمز فالقرآن كله كلمة ومثال ذلك سكوت الإمام وكلامه وإشارته كله كلام عند الله الأشياء كلها كلمات الله نحن كلمات الله التامات كون الكلمات في الكون ثلاثة
كلمة تامة الروح (أحب) + كلمة العقل (أن يُعرف) + كلمة البدن(فخلق)
أحــــب + أن يُـــعرف + فـــخلق (حديث قدسي: «كنتُ كَنزاً مخفياً فأحببت أن أُعرف فخلقت الخلق وعرَّفتهم بي فبي عَرفوني» ورد بكثرة في كتب الصوفية والعرفاء لاسيما كتب ابن عربي كما في الفتوحات المكية ج6 ص 404)
الروح واحدة لا تحتمل الكثرة وهذا تمامها ,والعقل يحتمل الكثرة في جزئياته ويحتمل الوحدة في كلياته إذن فالعقل الجزئي فيه نقص بجزئياته ونسير بالعقل الجزئي إلى التمام وهي الكليات والكليات العقلية لو نريد أن نقابلها مع الروح هي نقص ولا تكون تامة إلا بالكلي الروحي مثال ذلك اسمه الخالق وهو كلمة تامة وستصبح بالعقل إثنينية مخلوق وهذا المخلوق مرة يكون هو حيوان في وحدته وأخرى حيوان في كثرته هذه الكثرة والوحدة الحيوانية هي نورانية , ففرس الإمام الحسين (عليه السلام) وصل إلى جزئه النوراني وتكلم بهذه الدرجة من الوصول أما البدن فهو جزئي مادي لا يحتمل الوحدة ,الأبدان لا تحتمل الوحدة بل تحتمل الكثرة فقط إذن الكثرة المادية المطلوب أن تنطبق على الكثرة الجزئية العقلية النورانية ومن ثم تنطبق على الوحدة العقلية النورانية ومن ثم تنطبق هذه الكليات العقلية بكل وحداته على الوحدة الروحية ونمثل لذلك
بشكل معادلة :
وهناك فرق كون هذه الكليات لا حصر لها (الكليات العقلية) الوحدات في العقل مثل الوحدة الحمارية والوحدة الحصانية والوحدة الشجرية .....الخ كثيرة لذا تجتمع بعروة واحدة هي عروة الخالق ملكة الخالق والمعصوم (عليه السلام) يقول في دعائه ( وجعل لنا الفضيلة بالملكة على جميع الخلق ، فكل خليقته منقادة لنا بقدرته )(1) فإذا وصل إلى أسمه الخالق (مَلكة الخالق) مثل النبي عيسى (عليه السلام) الذي وصل إلى أسمه المحيي والمميت وإلا كيف يُحيي ويُميت بإذن الله ؟ نحن نقول : إن الأذونات قد أعطاها الله ,حيث ((الأذونات تنزيلية من البدايات في كل ذات وتأويلية إلى النهاية في كل فعل إلى الذات))(2) نحن نستظهر أرادات الله تعالى فينا كلما تخلينا عن الذنوب ظاهرها وباطنها وتحلينا بالاخلاق النظرية والعملية , فعيسى روح الله عليه السلام وصل إلى اسمه الخالق فيأخذ قبضة من الكثرة (طين) فينفخ فيه جزئي نوراني لطير فيطير أذا لم يكن عنده هذا المبدأ أي أسمه الخالق لا يستطيع أن يخلق أي شيء إن لم يكن لديه هذا الأذن, وهو إذن الخالقية أي لا يستطيع أن ينفخ فيخلق ولا يحيي ولا يستطيع أعطاء الحياة , إذن كلمة المعتصمين قول المعصوم وفعله وتقريره وهذه كلها كلمات لان الأسماء الحسنى الكلمة التامة ومن ثم الكليات العقلية ليس لها كمال إلا بالكليات الروحية ومن ثم الجزئي العقلي النوراني لا كمال له إلا بالكلي العقلي ومن ثم الجزء البدن وهو محل الكثرة والمادة وهو كله نقص ,الإمام حينما يقول نحن كلمات الله التامات أي انهم وصلوا إلى الروح والروح أمرها من أمر ربها وهم أي محمد وال محمد هم أولي الأمر ونحن نقول (السَّلامُ عَلَى الأئِمَّةِ الدُّعَاةِ ، وَالقَادَةِ الهُدَاةِ ، وَالسَّادَةِ الوُلاةِ ، وَالذَّادَةِ الحُمَاةِ ، وَأَهْلِ الذِّكْرِ ، وَأُولِي الأَمْرِ)(3) والمعصوم إذا لم يكن قد وصل إلى ولاية الروح لا يكون من أولي الأمر 000 وكلمة المعتصمين مختصة بالمعصوم يعني هذا المنهج تَعلق بالمعصوم .
الأمر الثاني :- ومقالة المتحرزين :- العلماء والعرفاء الذين يُبينوا احترازك لتكاليفك ,على كل مكلف إحراز التكاليف الإلزامية وهذه المقالة للمتحرزين من وصل إلى الاحتراز التكليفي يكون هو مبدأ لتقليدك .
وبهاتين الكلمتين اي إذا تعلقت بالمعصوم أولا وهو التعلق العقائدي (بكلمة المعتصمين) واتصلت علمياً وعملياً بالمراجع المجتهدين من العلماء الفقهاء المهم أن تتصل بتكليفك بالطريقة التي أوصى الشرع فكلمة المعتصمين المعصوم وحينئذ تكون قد وصلت إلى مبتغاك .. وفي مقام أخر من الصحيفة(1) يبين الإمام u هذا المعنى في ثلاث مراتب مرتبة الاحتراز وهي أن تعرف الحلال حلال فتتبعه والحرام حرام فتجتنبه ومرتبة الاحتراس وهي أن تعرف المستحب مستحب فتحببه الى نفسك والمكروه مكروها فتكرهه والمرتبة الثالثة مرتبة الحفظ وهي أن تصل الى الحافظ الانفسي (إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ)(2) حتى ترتقي بعدها للوصول الى الحافظ الأفاقي (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)(3) ثم الحافظ التكويني خلق الله السماء الدنيا زينةً وحفظاً (إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ* وَحِفْظاً مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ)(4) 0
وهنا يكون الخلاص من ثلاث حالات من بعد ذلك الإتصال العقائدي والعملي وفق منهج أهل البيت (عليهم السلام) أقسم بالله لو إن كلَ فرد منا ينضبط في فعله وفق كلمة الإمام الصادق (عليه السلام) ومقالة مرجعِيتهِ ويطبقها تطبيق صحيح يُنَزه من هذه الثلاثة الأتي ذكرها الآن .
ولِنعرف ما هي هذه الثلاث , وقبل الثلاث لدينا التحصين وأثاره ونبين المراد منه 0
وأعوذ بالله
كل عوذ يقابل لوذ
بمعنى كل عوذ من الشيطان يقابله لوذ بالرحمن عندما تقول أعوذ بالله من الشيطان تلوذ بالرحمن وحينما تقول ألوذ بالرحمن المحصلة تتعوذ من الشيطان إذاً التعوذ من الشيطان هو ترجمة عملية لألوذ بمسلكي كلمة المعتصمين ومقالة المتحرزين ونفهم من ذلك إن اللوذ بكلمة المعتصمين ومقالة المتحرزين هو عوذ من الشيطان وكل لائذ بالمعصوم وبالفقيه يحصل على ثلاث درجات
1- وأعوذ بالله من جور الجائرين
سؤال : لماذا قال هنا أعوذ بالله من جور الجائرين ولماذا حصلنا على أول رتبة من ثمرات العوذ وهي الخلاص من جور الجائرين ؟
الجواب : لأنه أول شرط بمقالة المتحرزين العدالة فيكون التحصيل هو اللوذ بعدل العادلين , فتكون المعادلة هكذا
من تعوذ بالله من جور الجائرين 000 لاذ بعدل العادلين 0000
فأي خلل في تكليفك في تطبيقك لا تسأل بعدها لماذا علينا تحكم جائر لأنه نتيجة عوج تطبيق الأمة ,وإلا لا يتسلط على الأمة جائر إلا بخلل في تطبيق المكلف لا جَور يأتي إلا بباب يفتحه المكلف (ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ)(1) (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)(2)
ولا تسألوا لماذا سلط الله علينا جائراً ؟
يأتي الجواب: لأنكم لم تحترموا العادلين ولقد سبق وأن أسسنا مبدأ هذا عادل فأتبعوه (وصاحب هذا التأسيس هو المعصوم) , إذن لو أن كل واحد منا أتبع العادل فينا لصرنا جميعا نقاط في الصراط المستقيم الواحد , فإذا لذنا بعدل العادلين تعوذنا من جور الجائرين ولكن كيف بالأمة لو هتكت عدل العادلين فانها تُترك أي هذه الأمة تُوكل إلى نفسها الأمارة وليقبض عليها الجائر من قفاها ويركب على أكتافها وبعد ذلك يتسلط عليها حتى تيأس الأمة وتقول ما لهُ من رواح مثل ماحلَّ بـ ( ببلاد العراق في العهد المباد) ولله الحمد على زواله .
2- وكيد الحاسدين
وهذا المقطع يعني اننا نقع فيه اذا لم نطبق حدود الله أما لو طبقنا حدود الله وعرفنا تكليفنا من خلال معرفة احكام الشريعة كنا من الغابطين لأنه لا يمكن الخلاص من الحسد إلا بالغبطة مثال على ذلك . هناك إنسان متسوق مرَ بقرب اثنين وهو يحمل ما تسوقه لعياله , فرآه الأول قال اللهم أرزقني مثله هذه غبطة وهذا المؤمن غَبطَ أخاه وليس لدينا هنا مشكلة نقول له فعلك صحيح والله في القريب العاجل يرزقك مثله أو أحسن منه , لكن الخلل في الثاني الذي يقول هذا كيس التسوق لفلان هو غير مستحق له والمفروض ان يكون لي, أتعرف ماذا فعل هذا وكأنه يقول إن هذا المُشرِع الذي حرم الحسد لا يفهم وهو أي الحاسد فقط هو الفاهم !! ولو علم من أين جاء هذا الكيس لذهل ؟ الكل مشارك فيه جبرائيل مشارك فيه وعزرائيل مشارك فيه وكل العناصر الأربعة في هذا الكيس وكأنه يقول هؤلاء الكل لا يفهمون فضلا عن (َقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ)(1) والأعمال تُرد إليه كل شيء يصيبك بعملك حتى الخدشةُ وهي اقل ما يصيب الانسان الإمام يقول من أعمالكم(2) وبالتالي فان الحسد يأتي من الفعل المخالف للتكاليف الإلزامية وهناك قصة عن الإمام الصادق u التي يُخبر فيها الإمام عن حَرق بيته ويؤكد الإمام لِمن أخبرهُ بأن بيته لم يحترق ويقول فيها الإمام كل غرق وكل حرق وكل حسد ....ألخ لا يأتي إلا من الدرهم الحرام وكأن المعصوم يريد أن يقول أنا محرز بيتي إحراز كلمة المعتصمين ومقالة المتحرزين إحراز عقائدي وعملي فلن يحترق , إذاً الحسد يدخل لنا من خلل التكليف ,الذي يحسد لديه خلل في تكليفه لو كان قد ضبط العبادات والمعاملات فانه لا يحسد 0 ونصل إلى الثالثة وهي التي أشد وطئةً .
3- وبَغي الظالمين
وهم الجائرون على عقيدة اهل الحق من غير عقيدتهم وهؤلاء أشد من الجائر أذىً ، فمن الممكن أن يكون الشيعي جائراً ولكن من المستحيل أن يكون ظالماً لان الظلم يستهدف العقيدة والجور ياتي على العمل هذا بالقياس القراني لا اللغوي كمافي قوله تعالى {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ }(2) واذا نال العبد العهد من علي أبن أبي طلاب (عليه السلام) فهو ليس من الظالمين انه خارج الظلم فتنبه , يملئها عدلاً وقسطا يعني كن من القاسطين إذا أخلصت وعملت فانك تحشر في دولة الإمام في مقام القاسطين يملئها عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا 0
العدل يقابل الجور
القسط يقابل الظلم
إنك على القسطاس المستقيم القسط وحدة وزن يوزن بها المعنوي والمادي والعدل وحدة وزن يوزن بها المادي 0
ولذلك لا نطلب من المجتهد أن يكون قاسط ليس لهذا المطلب أساس لا نذهب إلى معرفة باطنه لكن من غير الممكن أن يكون الإمام مسجود الملائكة فقط عادل بل لابد من أن يكون قاسط باطنه نظيف وظاهره نظيف لكن المرجع ممكن أن يكون ظاهره فقط نظيف باطنه بينه وبين الله ونحن نقصد بسلوكه الظاهري عادلا أما سلوكه الباطني ليس من شأننا لان الإجازة في تقليده مشروطة بحسن سلوكه الظاهري أي انه عادل ,إذن العدل وحدة وزن يوزن بها الإنسان ظاهراً ,أما القسط وحدة وزن يوزن بها على نحو (كم كيلو كذب) و(كم كيلو صدق) وهذه هناك في يوم الآخرة ستتبين لان القسط كما قلنا وحدة وزن يوزن بها المعنوي والمادي
النتائج العملية المتحصلة لو تخلصنا من هذه الرذائل الثلاث
واحمده فوق حمد الحامدين
{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } (1) لماذا هذه الدرجات الرفيعة للحمد ولمقام الحامدين فان الرفع المشار إليه في القران في الآية الكريمة انما هو محصلة الحامدين للنعم من غيرهم الهابطين اسفل الدرجات بكفرهم بالنعم وكل حمد في القرآن لمحمد (صلى الله عليه وأله) وكل حمد في القرآن يشير إلى العدل الإلهي كما وإن كل سبحان في ألقرآن تشير إلى التوحيد , وهنا نريد أن نمر على مسألة عقائديه فيها خلاف في عقائدنا وهي اعتبارية المُلك أي ان المُلك اعتباري, لا يوجد ملك للفرد , الملك الحقيقي لله وهذا أمر في غاية الخطورة لو سألنا عن أعمالك هل هي ملكك أم ليس بملكك وهل هي حقيقية الملكية أم هي ليس بحقيقة إذا كانت ليس بحقيقة فهي سراب ,القرآن لا يذكر موضوع أسمه اعتبار وانما يعبر عن الامور المتوهمة بالسراب فالمعادلة القرآنية إما سراب وإما حقيقة لأنه يقابل الحقيقة سراب ويقول أعمال الكافرين سراب وهباء قال تعالى (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآَنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (سورة النور آية 39) ) فنحن وفق المعادلة القرانية كما يريدها بعض اهل الكلام ايضا سراب وإلاّ كيف نذهب يوم القيامة ونُخلد هل بملك وهمي غير موجود في الأصل ومن أين لنا الملك لولا أن الله جل جلاله ملكناه فإذاً كان هذا السراب في ملكي سيكون كذلك في ملك الله وحاشاه ومن خلال بيان المقاطع التالية من دعاء يوم السبت سنفهم الملك
1- اللهم أنت الواحد بلا شريك
2- والملكُ بلا تمليك
3- لا تُضادُ في حكمك
4- ولا تنازعُ في ملكك
هذه الأربع فقرات تمثل قدرة الله وملكه وهذا الكلام ليس عندنا فيه أي نقاش , لكنه حينما قال لي الواحد بلا شريك بالمقابل يوجد واحد بشريك مَنْ هذا؟ أنا الواحد بشريك وأنت الواحد بشريك لاننا تَحددنا وتَحيزنا وتَميزنا فصِرنا شركاء في فعل الله في ملك الله , والمُلك الذي عند العباد تمليك وكون الله الملك بلا تمليك ,يكون ملكي بتمليك من الله جل وعلا أعطاني هذا اللسان والقلم وكل شيء عندي هو ملك لله لكن بتمليك من الله المالك بلا تمليك0000وانا ملكي بتمليك ,ثم هذا الملك الذي هو بتمليك يُضاد في حكمه وانظر مشاكلنا كيف عندنا هذه الأضداد أنا أُريد الشيء وأنت تُريده وكذلك يُنازع في ملكه أي الملك بتمليك , والواحد بلا شريك ملكه بلا تمليك أي بمعنى ليس هناك من هو قبله ومَلكهُ هذا مُلكهُ وإنما مُلكهُ ذاتي وهو أيضا لا يُضاد في الحكم ولا ينازع في الملك لا يوجد احد أقام دعوى على الله وقال أخذَ ملكي لكن ممكن لصاحب المُلك بتملك أن تقيم عليه دعوى وتنازعه في ملكه وتصل معه إلى القضاء وتتضاد في القضاء هنالك أضداد في حكمنا أحدهم باطل واحدهم حق لكن الله طالما بلا شريك فملكه بلا تمليك لا يوجد له شريك يطالبه ويقول له لي عندي معك شراكة 0
وهناك مسألة أخرى أود الإشارة إليها 0000الله تعالى خلق كل شيء من العدم أتدري ما هو العدم :- العدم في رؤيتنا يعني به المادة بمعنى لم يخلق الكون من جنبة مادية هو في أصله موجود قبل المادة أولاً خلق الخليفة ,الخليفة قبل الخليقة ,ولنفرض فرض إن الله خلقنا من العدم هل الله وجوده مطلق أم غير مطلق الجواب بديهي انه تعالى مطلق وبما إنه وجوده مطلق إذن من أين خلقنا وأي شيء نقول الآن هل هناك مساحة من العدم في إطلاقه فإذا كان كذلك صار القول بتحديد إطلاقه ولو فرضنا إنه قد خلقني من العدم يَرد هنا سؤال هذا العدم خارج ملكه أم داخل ملكه إذا كان داخل ملكه, وملكه وجود صرف فبالتالي لو جعلنا في ملكه عدم العدم يكون شريك ومن بعد ذلك سينازعه في ملكه ويُضادهُ في حكمه, وإذا قلت هذا العدم خارج ملكه سيرد هنا سؤال, الله كيف يأمرني بعدم الغصبية ويخلقني من شيء مغصوب خارج ملكه كيف يخلقني مما ليس له حاشى لله إذاً أما خلقني من ملكه أو من خارج ملكه وأما إنك تقول خلقني من العدم الذي أنت تفهمه من لا شيء .
الله وجوده مطلق وخلقني من وجوده وإلا من أين لي الوجود لولا انه أوجدني من أين لي الحول لولا أن أعطاه لي من حوله ,إذن خلقني من شيء كان معدوم عندي غير موجود عندي أنا ,أنا لا أملكه فأعطاه لي أنا المعدوم غير موجود فكونني بكينوناته0 إذن هناك واحد بشريك هو خليفة الله ,وهي في الإثنينية ونظام الإثنينية بالتالي ملكه
بتمليك والمُلك هنا حقيقي وأعطيك مثال كيف يكون الملك بتمليك, عندك أملاك وتريد أن تولي عليها احد وتكون أنت في غيبة والظاهر عليها أحد غيرك هل تعطيه وكالة أم لا تعطيه , هذا صاحب الوكالة ملكه بتمليك وليس هو المالك الحقيقي أنت عندما أعطيته وكالة على أملاكك ملكته بتمليك فهو لا يستطيع التصرف بِها إلا بالصلاحيات التي أعطيتها إياه حدود الوكالة ما هي, ولذلك أنت حينما تقول الله وكيلي يلزم أن يكون في الوكيل خصلتين في الوكالة يلزم يكون عنده اعتصام وثقة بمن توكله, بك اعتصمت وبك وثقت وعليك توكلت والحال أي شخص تريد أعطائه وكالة إذا لم يوجد فيه اعتصام وثقة لا تعطيه وكالة أبداً وبالتالي إذا لم يكن عندك ثقة بالله واعتصام بالله كيف تجعله وكيلك .
بيان في معنى نظام الإثنينية
(وجود الله ملكٌ له بلا تمليك من احد لذا لزم أمرين ليس له شريك في الملك بمعنى وجوده , وليس له منازع في الحكم , مالك الملك يعني مالك لنفسه وحاكم على فعله , وجود الشيء بوجه عام واحدي الوجود إثنيني التكوين ثلاثي التمكين , من جهة واحد الوجود فكل شيء واحد بوجوده ,ولكل هذا الوجود ملكه الواحد يعني الإنسانية وجود واحد وملك واحد بتمليك, وجود بإيجاد من غيره , مما اقتضى أمرين , أن يكون له شريك في الملك وهنا بدأت الإثنينية مما صار منازع على الحكم فتتنافس الكثرة الأفراد المكونات الإنسانية على ملك الإنسانية وحاكمية الإنسانية فيما بين أفرادها , فأي منهم يملك الإنسانية ويحكمها , أما التمكين فالروح وهو الوجود الواحد الملك الواحد , التكوين الثاني هو العقل الذي هو الحكم المتنازع عليه في نيل الملك , المتنازع عليه بحكم العقل الإنساني , والبدن الأدوات والآلات الموصلة للملك والحاكمية , فتكون الصورة مجسمة ثلاثية الأبعاد , (الرحمن=1) (علم القران=2) (خلق الإنسان=3) فيكون علم البيان ثلاثي الأبعاد , أحب أن يعرف فخلق , اذن الداعي للإثنينية هو الخروج من سبات (الطاقة الكامنة) وما يظهر بالبدن طاقة حركية ,والطاقة الكامنة الطاقة السابتة التي لم تكن شيء مذكورا , لا تبدو لها حركة إلا بالمادة 0مثال قرآني , الخط الأفقي التمكين :- ومكنا لذي القرنين ومكنا ليوسف انه رسول مكين , ذو قوة :- الخط العمودي التكوين (نظام الإثنينية) , المحصلة الوجود الواحد والملك الواحد والمنهج الواحد)
مسائل في أن لكل داء دواء وفق منهج المعصوم
الإمام دائماً يُبين الداء ويعطي الدواء وفي كل دعاء لأي إمام معصوم يُبين الداء (الخلل) في المنظومة العملية ويعطي دواء هذا الخلل .
المسألة الأولى: وأول شيء يجعلك في سلوك منتظم هو ماجاء في هذا المقطع من دعاء الصحيفة السجادية :
ان تصلي على محمد عبدك ورسولك
وهو أن تؤمن أن محمد بن عبد الله ورسوله بمعنى إن الرسالة والرسول هي رتبة من رتب العبادة وهي قمة هذه الرتب .
المسالة الثانية: وأن توزعني من شكر نعماك ما تبلغ بي غاية رضاك
كل شكر للنعمة مقدمة ووسيلة نتيجتها رضا الله , أوضح لكم هذا المطلب أكملت لكم دينكم أعطيتك ذات كاملة وتامة بصفاتها وأتممت عليكم نعمتي ,أعطيتك نعمة تامة نعمة العقل ماذا يأتي بعد النعمة رضيت بالإسلام دينا إذن الشكر على النعمة طريق إلى الله إذن بعد الصلاة وهي الاتصال يلزم الشكر العمل (اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ)(1)
المسألة الثالثة: وان تعينني على طاعتك
وهي ما يخص المعاملات هذه الإعانة معاملات كما في نستعين مثلها في القرآن إياك نعبد وإياك نستعين أشياء مركوزة في ذاتك , و الطاعة هي المعادلة الآتية :
العبادات × المعاملات =الطاعة
إياك نعبد العبادات كلها × إياك نستعين المعاملات كلها = الهداية التكوينية اهدنا الصراط المستقيم والهداية التشريعية صراط الذين أنعمت عليهم وهذا ترجمة واقعية لأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم .
ولزوم عبادتك
العبادة لزومية إياك نعبد والمعاملة تحتاج إلى إعانة المعاملة استعانة بالله والعبادة ملازمة لله تعالى فالذي يفقد هذه الملازمة يفقد أثارها ويفقد الاستعانة بالله التي هي المعاملة اليومية التي تتحرك بها فإذا كان عندك ملازمة واستعانة كان لك المسألة الرابعة .
المسألة الرابعة: واستحقاق مثوبتك
أحسن العباد هو الذي يذهب مستحق الثواب بكرم الله ولطفه وهو الذي استجمع العبادة والاستعانة بالمعنى السالف للذكر آنفا. أمّا أدنى وأرذل العباد يوم القيامة هو المُتَفَضَل عليه يذهب الى الجنة تفضلا, ويقول لأهل الاستحقاق والإستيجاب رحمكم الله أشفعوا لي ويقول أمير المؤمنين علي u لا تعيونا في طلب الشفاعة لكم يوم القيامة بسبب ما قدمتم(1) بمعنى لا تشقوا علينا بكثرة طلب الشفاعة مع كثرة ذنوبكم في كل لحظة أنت تعمل عمل معصية وتريد منا أن نُرقع لك يوم القيامة , خيركم من كان شفيع لنفسه ذاك الذي قد أدى واجباته وجاءنا جاهزاً شفيع لنفسه .
المسألة الخامسة: بلطف عنايتك
العناية الإلهية والتي مرّ شرحنا لها في أبحاث سابقة , الإنسان الذي عنده ألطاف إلهية يقوم الليل وعروقه تسكن لا يدبر أمراً إلا ما دبر الله ويرى إن ملكه بتمليك من الله تعالى ولنا شرح على العبودية وحقيقتها في شرح المنهج الملكوتي برواية عنوان البصري عن الإمام الصادق u في سلسلة محاضراتنا الخطوات والحضوات في الطريق الى الله تعالى .
المسألة السادسة: وترحمني بصدي عن معاصيك ما أحييتني
الرحمة يستثمرها العبد ويصد بها النقمة لان كل المعاصي نقمة, وما الرحمة إلا محمد وال محمد وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين وان كل نفس أمارة بالسوء من جهة ماديتها وأسفليتها (إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ)(1) بمعنى إن النفس ليست بأمارة إذا دخلت بمنهج محمد وال محمد 0 فالاستثناء من السوء وأوامره إنما هو بالإيمان بمحمد وال محمد (صلوات الله عليهم أجمعين) يكون العبد مرحوماً فيكون رحمةً لنفسهِ وآفاقه 0
المسألة السابعة: وتوفقني لما ينفعني ما أبقيتني,
لا تقوم بعمل شيء ليس فيه نفع وتقول ربي وفقني ,ولا تدعُ به لأنه يضرك أكثر مما ينفعك , الذي ينفعك هنا في الدنيا وفي الآخرة منفعة واحدة قم به , لان ما ينفع في الدنيا له ثلاث جهات الاولى نفع في الدنيا فقط, والثانية نفع في الدنيا وفي الآخرة , والثالثة نفع في الآخرة فقط , والامثلة على النفع في الدنيا فقط هو كل عمل مباح ينال العبد ثمراته في وقته والذي ينال نفعه في الآخرة فقط هي الأعمال المفروضة ومن قبيل النفع في الدنيا والآخرة الإنسان لو قدم بر لوالديه يأخذ عليه منفعة دنيوية ومنفعة أخروية ومثل العلوم الطبيعية لها منفعة في الدنيا والأخرة أيضا مثل الطبيب له عيادة يأخذ لقاء عمله المال حينما يعالج المرضى لكن الله تعالى يرصد له مقام وإكرام في الدنيا وخير في الآخرة إذا كان سلوكه في الدنيا وفق المنهج الإلهي الصحيح أما إذا كان سلوكه الطبي منحرف فهو خزي في الدنيا والآخرة ومثال الغناء والرقص منفعة في الدنيا وخزي في الآخرة مثاله مانراه من اصحابه في ملاهيهم الحرام ماذا يأخذ فليأخذ الدنيا كلها وليعبر إلى الآخرة ويرى ماذا يصنع به فاذا كان سلاطين الارض هناك ليس لهم من الله من دافع مااغنى عنهم مالهم ولا حصونهم ولاقصورهم (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا (سورة النبأ آية 38) (يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا (*) يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا (*) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (*) وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا (108 _ 111 سورة طه ) ) والإمام المعصوم يقول في زيارة النبي محمد (صلى الله عليه وأله) اَللّهُمَّ ارْحَمْ مَوْقِفي في ذلِكَ الْيَوْمِ بِمَوْقِفي في هذَا الْيَوْمِ، وَلا تُخْزِني في ذلِكَ الْمَوْقِفِ بِما جَنَيْتُ(1) وأي موقف لمن ينطق عن الهوى هنا حتى يكون له موقف هناك أعاذنا الله وإياكم من اللعب والهوى والزينة والتفاخر والتكاثر التي هي أئمة الكفر وأئمة الدنيا وجعلنا وإياكم من القائلين صوابا في الدنيا حتى يأذن لنا بالكلام يوم القيام يوم لا نطق إلا من قال صوابا.
المسألة الثامنة : وأن تشرح بكتابك صدري وتحط بتلاوته وزري
جاء الإسلام ليشرح الصدور وجاء الشيطان ليوسوس في الصدور لذا فالأمرين لا إكراه فيهما وللعبد الخيار بينهما فكل ما دون الإسلام هو وساوس شيطانية لان الإسلام كمنهج اجتمعت فيه كل الديانات السابقة حيث اندكت فيه وذابت فيه كذوبان المناهج الدراسية في المنهج الجامعي فالمنهج الابتدائي زبور الطالب والذي لابد أن يذوب في توراته المنهج المتوسط والمنهج المتوسط توراة الطالب والذي لابد له أن يذوب في إنجيله والمنهج الإعدادي إنجيل الطالب والذي لابد أن يذوب في قرآنه والمنهج الجامعي وهو خاتم المنهاج هو قرآن الطالب والذي لا بد أن يذوب فيه الطالب بنفسه حتى يكون هو ذلك المنهج كما ذاب في القرآن الجامع لكل المناهج شخصية المعصوم ليكون هو المنهج وهو الصراط فاستقراء هذه المنهج تحط من أوزار طلبتها في كل زمان ومكان فلكل منهج زمانه ومكانه وناهجه ومنتهجوه ولكل منهم شرعة ومنهجا فالأنبياء والأوصياء هم رسالتهم نفسها ورسالتهم هي الرسول نفسه فلا إثنينية بين الرسالة والرسول وبين النبي والنبوة وهذا هو التوحيد الذي يفيض لنا بالعدل الإلهي .
ولو كانت الامة قد ذابت في المنهج الحق لما كان هذا حالها اليوم وهي تترنح تحت وطأة الظلم والجور حتى ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت يداها واليد دلالة على الملكية بمعنى بما ملكت الناس من الظلم والجور بإعمالها وما قدموا وأثارهم .
فالكتاب هو كل شيء بيانا وعيانا فيه حتى الخدشة والقرآن هو القوانين الكلية التي تعطي حركة الأمة وفق هذه الثوابت فعملي كتابي الذي يكون قرآني الذي اقرأه يوم القيامة وأرى أي القوانين أنا وضعت نفسي تحت طائلتها القوانين الإلهية فأكون مرحوما بها أم القوانين البشرية والتي لم ينزل الله بها من سلطان فأكون لا سلطان لي يومئذ فردا من كل لوازمي سوى عملي السيئ فيكون وبالاً وعذاباً وأسوء قرين ، وهكذا كل من يقرأ كتابهُ بمعنى كل من يعرض نفسه وعمله على قوانين الكون فيرى هل هو متفق معها فيتنعم بها أم مفترق عنها فيصطلي بها .
كل شيء في الكتاب مسطور وما من قضية أو بلية أو منيه إلا في كتاب قبل أن تكون واقعا أي انها في القران كائنة اضافة الى كل الحوادث والقضايا والمنايا والبلايا لذا قال (ن والقلم وما يسطرون) فالأبدان حرف والعقل فعل والروح اسم والروح مداد العقل وهو المشار اليه بالقلم يكتب الأفعال بما هي هي قالاً وحالاً ويسطرها على صحائف العمل .
فكل فعل حسن نكتبه مداده الروح فيكون ماحيا لفعل سيئ كتبناه بمداد النفس وبالعكس .
فالقران في قراءته لابد أن نرى أين نحن مما قرأناه وإلا القرآن هو قوانين كلية والعباد جزئيات تحت طائلتها لذا لابد أن نرى أي قانون نحن تحت طائلته وهل نحن من أهل الثواب فينشرح الصدر بذلك أم من أهل العقاب فنغتم ونتعذب ويضيق بنا الأمر وهنا يكون العبد من المتقين الذي اذا قرأوا آية في الجنة استبشروا وكأنهم في الجنة واذا قرأوا آية فيها النار والوعيد والإنذار يكون كمن قد رآها , وهنا يكون العبد على نفسه بصيرة ولا يقول لا اعلم أنا من أهل الجنة أم من أهل النار وبالعكس فهنا الموقف يحدد ما أنت عليه هناك إن كان أصحابك هنا بئس القرين وبئس الإخلاء أيضا هنالك نفس الموقف لذا كان من مقومات التوبة التي بيناها في محاضرة عن حديث المعصوم حول التوبة والتي يعد ترك أصحاب السوء مقوم من مقومات التوبة .
وان كان هنا الموقف نعم الأصحاب وخير الأصدقاء ونعم الأخلاء أيضا كان هنالك الموقف نفسه وفارق الزمان والمكان يختلف .
لذا قال الحسين u خير أصحاب أصحابي وخير لي مصرع ( وهو مقطع من خطبة الامام الحسين عليه السلام حينما توجه نحو كربلاء فقال سلام الله عليه (الحمد لله ما شاء الله ولا قوة (166) إلا بالله وصلى الله على رسوله وسلم، خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة، وما أولهني إلى اشتياق أسلافي (167) اشتياق يعقوب إلى يوسف، وخير لي مصرعٌ أنا لاقيه، كأني بأوصالي تقطعها ذئاب (168) الفلوات بين النواويس (169) وكربلاء، فيملأن مني أكراشاً جوفا (170) وأجربةً سغبا، لا محيص عن يوم خط بالقلم، رضى الله رضانا أهل البيت، نصبر على بلائه ويوفينا اجور الصابرين، لن تشذ عن رسول الله صلى الله عليه وآله لحمته، بل هي مجموعة له في حضيرة القدس، تقر بهم عينه وينجز بهم وعده، من كان باذلاً فينا مهجته وموطناً على لقاء الله نفسه فليرحل معنا .. الملهوف على قتلى الطفوف : السيد ابن طاووس ص 5 تحقيق الشيخ فارس الحسون)لأنه يبحث عن الخير للأمة في موته وفي حياته وهذا ما اخلد قضيته لأنه العادل في قضيته وكل قضية عادلة لا تموت بل هي سر الحياة حتى في الأموات فلو كان الميت عادل كان حي بين الأحياء في الحوادث والوارث(1) وان كان جائر كان ميتة وهو بين الأحياء 0
المسألة التاسعة: وتمنحني السلامة في ديني ونفسي
,أنت تقرأ إلا من أتى الله بقلب سليم, وتقرأ صلوا عليه وسلموا تسليما , سلامة النفس والدين تأتي من الاتصال بمحمد وال محمد, الاتصال بالمنهج السليم , ان رسول الله محمد صلى الله عليه واله يقرأ السلام على أهل بيته كما هو ورد في الروايات الكثيرة ومنها انه كان يقف على باب بيت علي وفاطمة ويقول السلام على بيت النبوة ومهبط الوحي وغيرها .(وردت روايات كثيرة في تمجيد البيت العلوي (الامام علي وفاطمة والحسنان عليهم السلام ) المطهر من قبل النبي الاكرم صلى الله عليه واله وابرزها هذه الروايات تدعيما لماذكره سماحة الشيخ . حدثنا إبراهيم بن عبدالله، حدثنا حجاج، حدثنا حماد، حدثنا علي بن زيد عن أنس أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يأتي بيت فاطمة (عليها السلام) ستة أشهر إذا خرج من صلاة الفجر يقول: يا أهل البيت الصلاة الصلاة يا أهل البيت: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا).( سورة الأحزاب: 33.) ذكرها في حق اهل البيت عليهم السلام ابن حنبل في فضائل الصحابة،:ج 2 /ص 761 حديث 1340. )
ذكر الطبري بسنده عن أبي الحمراء، قال: رابطت المدينة سبعة أشهر على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فرأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا طلع الفجر جاء إلى باب علي وفاطمة (عليهما السلام) فقال: الصلاة الصلاة (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا).( تاريخ الطبري: 11 / 589، تاريخ دمشق، ابن عساكر: 42 / 137.)
وذكر الحسكاني بسنده عن أبي برزة قال: قرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (فِي بُيُوت أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لاَ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ)( سورة النور: 36.)، قال (صلى الله عليه وآله وسلم): هي بيوت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). قيل: يا رسول الله أبيت علي وفاطمة منها؟
قال (صلى الله عليه وآله وسلم): من أفضلها.( شواهد التنزيل، الحسكاني: 1 / 532 ح 566.)
وايضا عن الحسكاني بسنده عن أنس بن مالك وعن بريدة قالا: قرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)هذه الآية: (فِي بُيُوت أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ ـ إلى قوله تعالى ـ وَالأَبْصَارُ)( سورة النور: 36.)، فقام رجل فقال: أي بيوت هذه يا رسول الله؟
فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): بيوت الأنبياء.
فقام إليه أبو بكر فقال: يا رسول الله هذا البيت منها؟ لبيت علي وفاطمة؟
قال (صلى الله عليه وآله وسلم): نعم، من أفضلها.( شواهد التنزيل، الحسكاني: 1 / 533 ـ 534 ح 567 و 568، الدر النثور، السيوطي: 6 / 203، روح المعاني، الألوسي: 18 / 174.) ) اذن هم المنهج الذي فيه سلامة القلب والقلب سلامته بالإيمان ولا سلامة للقلب إلا بالعقيدة السليمة لذا قرن القلب بالإيمان والإيمان بالقلب {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }(2) ولا يسعني إلا قلب عبد المؤمن لماذا لأنه لا يرى بالعيان وإنما يرى بحقائق الإيمان ما كذب الفؤاد ما رأى ماذا رأى عند سدرة منتهى الأشياء وأصولها ولقد رأى من آيات ربه الكبرى بمعنى رأى كبريات القضايا والمنايا والبلايا كليات الأشياء التي ترجع إليها فهي الثوابت التي لا تُرى عيانا وإنما تُرى إيمانا وبيانا فالكليات تُرى بحقائق الإيمان في الأخرى وجزئيتها تُرى بحقائق العيان في الخارج لذا فالقلب هو المدرك للكيات والعقل مدرك للجزئيات فالإسلام في العقل وهو ما يحفظ حرمات العبد الثلاث في الدنيا ولا حفظ له في الآخرة نلزمه بما ألزم به نفسه {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ }(1) أكثرهم للحق كارهون علي مع الحق والحق مع علي أكثرهم لعلي كارهون والإيمان هو ما يحفظ الحرمات الثلاثة للعبد في الدنيا والآخرة .
وفي مقام أخر نرى هذا الدعاء من التعقيبات الخاصة بصلاة الصبح والذي يدعو العبد الى مقامات في سلوكه اليومي ( اللهم إني أسالك بحق محمد وال محمد عليك صل على محمد وال محمد واجعل النور في بصري والبصيرة في ديني واليقين في قلبي والإخلاص في عملي والسلامة في نفسي والسعة في رزقي والشكر لك أبدا ما أبقيتني)(2)
فالشكر قرين البقاء فكل من شكر فانه باقٍ وان مات بدنه فعقله وروحه لا تموت لأنه جعلهما بين العباد الأحياء وأما الذي يكفر فهو زائل بمجرد موته لأنه لم يظهر عقله وروحه بين العباد الأحياء بل اظهر نفسه وهواه وشيطنته فبقى كلمة سيئة تركها في عقبه , فالشكر قرين البقاء والشكر يوصل الى السعة في الرزق لان الشكر فيه الزيادة وان شكرتم لأزيدنكم وبالشكر تدوم النعم لذا النعم والرزق دوامه بالسعة والسعة هي الشكر على الرزق وهذا ما يوصل الى سلامة النفس لان مرض النفس يأتي من الكفر الموصل الى الضيق في الرزق {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}(3) وهذا ما يوصل الى مرض النفس وسلامة النفس موصله الى الإخلاص في العمل ومرض النفس موصل الى فساد العمل والإخلاص في العمل يوصل الى اليقين في القلب وفساد العمل يوصل الى الرين في القلب والشك والشبهات واليقين في القلب يوصل الى البصيرة في الدين والشك والرين في القلب يوصل الى العمى في الدين ,والبصيرة في الدين توصل الى النور في البصر والنور في البصر موصل الى الاتصال بمحمد وال محمد(صلوات الله عليهم أجمعين) ومعرفة حقهم وحقيقتهم أما العمى في الدين يوصل الى الظلمة في البصر فيكون سلوكه في غامضات الطريق
لذا الاتصال بمحمد وال محمد(صلوات الله عليهم أجمعين) مقتضى وسببا في نور البصر ونور البصر كاشف عن معرفة دفائن الأمور والكشف عن خصائص الأشياء لذا يكون سببا ومقتضى في التبصرة في الدين فيكون القلب متنور والعقل متفكر وله قلب يعقل فيه والتبصرة في الدين مقتضى وسببا في اليقين في القلب فيكون القلب سليم ويأتي لله بهذه السلامة القلبية التي هي مقتضى وسببا في الإخلاص العملي وهذا ما يحتاجه العبد في سيره وسلوكه وسفره الى الله هو الإخلاص فلو تحقق الإخلاص كان سببا واقتضاء لتحقق السلامة في النفس وان سلامة النفس من العيوب رفعت الحجب عن القلوب كما هو في دعاء الصباح لأمير المؤمنين u وقد بيناه في كتابنا دعاء الصباح خطة إجرائية للتنمية الأخلاقية فقلبي محجوب والسؤال لماذا هو محجوب ؟ والجواب نفس سياق الدعاء نفسي معيوب وأيضا لماذا النفس معيوبة الجواب هواي غالب وعقلي مغلوب وأيضا ما هو السبب الذي يجعل الهوى غالب على العقل الجواب هو طاعتي قليل ومعصيتي كثير فلو جعلنا في سلوكنا العملي طاعتنا كثير ومعصيتنا قليل تكون النتيجة العقل غالب والهوى مغلوب وهذا ما يغير واقعنا العملي لأنه يرفع عيوب النفس ويؤدي الى رفع الحجب عن القلب وهو المطلوب فيكون البصر حديد بعد رفع الغطاء .
وسلامة النفس سببا ومقتضى في سعة الرزق فسعة الرزق لا تكون إلا من نفس سليمة إما النفس السقيمة فإنها تضيق بالرزق بخلا وشحا وحسدا وبغضا حتى تدعي أنها المالك .
والسعة في الرزق سببا ومقتضى للشكر الذي يورث البقاء باذنه وان فنت الابدان وهذا هو العلم واهله باقون ما بقي الدهر أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة وأهل المال أموات وهم أحياء .
المسألة العاشرة: ولا توحش بي أهل أنسي
أهل الأنس هم من يُشاركوك الفكرة يشاركوك الهمَّ اللهم لا توحشني ولا تجعل أهل أنسي في وحشة ولا تجعلني بين أهل أنسي في وحشة ولا توحش بي أهل أنسي الذين هم متفقون معي بالخصائص وأهل أنسك أهلك وأناسك ولربما أحد من أهلك ليس من أهلِ اُنسك قال نوح u هذا أبني ماذا قال له الله هذا عمل غير صالح (قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (سورة هود اية 46) ) لن تأنس به فلماذا نُركبهُ معك نحن نُركب معك فقط الذين تأنس بهم ,فأهل الأنس هم الذي اظهروا إنسانيتهم فالإنسان سُمّي إنسان لأنه محل الأنس في عالم الإمكان فلو رفعت الإنسانية من الكون لاستوحش كل شيء لذا فأهل أُنسنا هو إنسانيتنا وكل من اشترك معنا بهذا القاسم المشترك فالمجتمع يستوحش أهل الفساد والغش والكذب لذا فالملائكة استوحشت من الإنسان الذي يكون خليفة الله وهو يفسد ويسفك الدم ويقتل قائلين : (... أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (سورة البقرة اية30) ) أتجعل فيها من يفسد ويسفك الدم وهذه الوحشة التي كانت تعتري الملائكة حتى تبين لهم إن الخليفة هو من كان محافظا على إنسانيته ومظهرا لها فبعد أن عرفوا الإنسانية هي مظهرا للأسماء الحسنى التي علمها الله للإنسان سجدوا بعد الأنس بهذا الخليفة .
المسألة الحادي عشرة: وتمم إحسانك في ما بقية من عمري
البقية أي بقية العمر حركة إجرائية ما إن صَلُحت المقدمات السابقة التي ذُكرت تكون بقية العمر في أحسن فعل متحدة مع أحسن تقويم (الذات الآدمية)0 فالعاقبة هي المحصلة النهائية التي يذهب بها العبد فان كانت صالحة كان في جنة وحور عين وان كانت سيئة كان في النار وسوء المصير. ان المحتضر يرفع عنه الغطاء المادي فيرى ببصر حديد كل أعماله الصالحة لذا يقول عجلوا عجلوا لأنه وجد نقاط اشتراك وقواسم مشتركة بين عمله وبين إيمانه ذاته وحقيقته الإنسانية أما الذي تكون عاقبته سيئة بسوء أعماله وفساده فعندما يرى الحقيقة ببصر حديد عندها يقول أرجعوني لعلي اعمل صالحا كما قال تعالى : (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (*) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (سورة المؤمن اية100) ) وهنا لا عمر له إلا عمره المتصرم فلو أعادوه لبقيت الأمنية هي هي لم يقدم لنفسه إلا ما قدم لذا كان الجواب كلا كلمة هو قائلها إن كان صالحا فصالحا وان كان فاسدا ففاسدا .
فالكلمة التي قالها الله هي الإنسانية هي كلمة الله العليا فمن قالها كانت له العاقبة الحسنة فيلتحق بعالم منسجم معه تماما وهذا السرور الأعظم أما الكلمة التي لم يقولها الله ولم ينزل بها من سلطان هي كلمة الشيطان وهي السفلى ومن كان عاقبته هذه الكلمة(الكلمة السفلى)فالكلمة هو قائلها لذا يتحمل مسؤولية افتراقه عن ذاته فيكون في حياة غير منسجمة مع الحياة البرزخية لأنها حياة العقل المجرد فمن كان عاقلا كان منسجما معه ومن كان في عمله غير عاقل فلا انسجام له مع ذلك العقل .
اذن حسن العاقبة هي ترجمة للأسماء الحسنى (إن لله تسعة وتسعون خلقاً من تخلق بها دخل الجنة) وسوء العاقبة هو ترجمة للأسماء السوءا التي لم ينزل الله بها من سلطان .
كما أحسنت فيما مضي منه
ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم بعد بيان المراحل الاولى للانسان وهي نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظام ثم لحم تبينها الاية الكريمة (ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (*) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (سورة المؤمنين اية 13-14) ) كلها غير مباركة إلا الخلق الأخر تبارك الله أحسن الخالقين (لان محل ولوج الروح) فان الإنسانية هي حسنى وهي الخلق الأخر الذي كلما يتكامل بها أفرادها تكون مباركة الأفراد . الإنسانية هي الشبكة الحسنى التي تحتها كل أفرادها.
الخاتمة : ياأرحَمَ الرحمين
الله تعالى هو ارحم الراحمين ومحمد واله الراحمين بفضله على الخلق (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) محمد وال محمد رحمة الله للعالمين لأنهم هم أصحاب الوصول الى ارحم الراحمين في عالم الإمكان لأنهم اظهروا الرحمة في سلوكهم العملي فصاروا صراطا يسلكه العباد للوصول الى مبدأ الرحمة وأصل الرحمة وهو الله تعالى الذي أفاض بها فيضا عاما في كل شيئ فتخصص بها من تخصص في عمله وفعله ليكون محلاً لاصطفاء الله له واتخذه رسولا أو نبيا أو وليا أو وصيا أو عارفا أو عالما وهكذا كلٌ بقدره الفعلي العملي بما علمه الله من أسمائه وصفاته لتكون له حولا وقوة يتحرك بها الى ثوابته ومثله العليا .
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وال بيته الطيبين الطاهرين
(2) المقصود من الذات هنا هي الذات الآدمية (الإنسانية) في الكون وليس الذات المقدسة وهذه العبارة من القواعد المعرفية لدى الشيخ (أطال الله عمره)
(3) سور الحجر 6
(1) كتاب الكافي الجزء /2 عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام في قول الله عز وجل: وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ": ليس من إلتواء عرق، ولا نكبة حجر ولا عثرة قدم، ولا خدش عود إلا بذنب ولما يعفو الله أكثر، فمن عجل الله عقوبة ذنبه في الدنيا فإن الله عز وجل أجل وأكرم وأعظم من أن يعود في عقوبته في الآخرة.
(2) سور البقرة 124
(1) كما هو حال مراجعنا العظام الذين غادروا هذه الحياة بأبدانهم وبقيت عقولهم العادلة تدير شؤون مقلديهم بكل حادثة فظلا عن المواريث .
(2) سورة الحجرات 14